يتحرك فيه حس الشكر على النعم فيتقرب من خلاله إلى المنعم سبحانه.
فيقول : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ).
وتتّضح حقّانيّة السماوات والأرض من نظامها المحكم وخلقها المنظم وكذلك من هدف خلقها وما فيها من منافع.
ثمّ يضيف : (تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
فهل تستطيع الأصنام إيجاد ما أوجده الله؟!
بل هل تستطيع أن تخلق بعوضة صغيرة أو ذرة تراب؟!
فكيف إذن جعلوها شريكة الله سبحانه!! ..
والمضحك المبكي في حال المشركين أنّهم يعتبرون الله هو الخالق عن علم وقدرة لهذا النظام العجيب والخلق البديع .. ومع ذلك فهم يسجدون للأصنام!
وبعد الإشارة إلى خلق السماوات والأرض وما فيها من أسرار لا متناهية يعرّج القرآن الكريم إلى بعض تفاصيل خلق الإنسان من الناحية التكوينية فيقول : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ).
«النطفة» (في الأصل) بمعنى : الماء القليل ، أو الماء الصافي ، ثمّ أطلقت على قطرات الماء التي تكون سببا لوجود الإنسان بعد تلقيحها.
وحقيقة التعبير يراد به تبيان عظمة وقدرة الله عزوجل ، حيث يخلق هذا المخلوق العجيب من قطرة ماء حقيرة مع ما له من قيمة وتكريم وشرف بين باقي المخلوقات وعند الله أيضا.
هذا إذا ما اعتبرنا «الخصيم» بمعنى المدافع والمعبر عمّا في نفسه ، كما تخبرنا الآية (١٠٥) من سورة النساء بذلك : (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) كما ذهب إليه جمع من المفسّرين.
وهناك من يذهب إلى تفسير آخر ، خلاصته : بقدرة الله التامة خلق الإنسان من نطفة حقيرة ، ولكنّ هذا المخلوق غير الشكور يقف في كثير من المواضع