والهلاك.
وهذا الأمل القاتل هو أساس الجهل بالله وعدم معرفة الحق والابتعاد عن الحقيقة ، ويؤدي الى تقوقع الإنسان في دائرته الفردية بما ينسجه الخيال الواسع ويبتعد عن هدف وجود الإنسان على الأرض والمصير الذي يصبو إليه.
ويحدثنا أمير المؤمنين علي عليهالسلام عن هذا المضمون بقوله : «يا أيّها الناس ، إنّ أخوف ما أخاف عليكم اثنان : اتّباع الهوى وطول الأمل ، فأمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ، وأمّا طول الأمل فينسي الآخرة» (١).
حقا ، كم هم أولئك الذين امتازوا بالملكات الفائقة والكفاءات اللائقة ، ولكنّهم سقطوا في شباك فخ طول الأمل فتحولوا إلى موجودات ضعيفة ، بل وممسوخة! وأصبحوا لا يستطيعون تقديم شيء لمجتمعهم ، بل ضيّعوا حتى ما ينفع أنفسهم وأثقلوا عمّا يسمون به إلى التكامل.
وهذه الصورة نتلمس ملامحها بجلاء في دعاء كميل : «وحبسني عن نفعي بعد أملي».
بديهي أنّ الأمل الذي يتجاوز الحد المعقول ، يجعل الإنسان عرضة للانهماك والعجز والاضطراب ، ويصوّر لصاحبه أنّ هذه الحال ستوصله إلى السعادة والرفاه ، وما يدري أنّه يخطو صوب جرف الشقاء والنكد.
وغالبا ما تطوى صفحات هؤلاء بالدمعة الجارية والحسرة لما آل إليه المآل ليكونوا عبرة لكل ذي عين بصيرة وأذن سميعة.
* * *
__________________
(١) نهج البلاغة ، من الخطبة ٤٢.