هؤلاء الأشخاص لديهم تعصب خاص نحو كل ما ألفوه في محيطهم الاجتماعي حتى وإن كان ضلالا وانحرافا ، لذا تراهم يواجهون كل دعوة جديدة على أساس أنّها غير معقولة ، فهم يخشون من كل جديد ، ويتمسكون بشدّة بالعادات والتقاليد القديمة.
أضف إلى ذلك ، أن من استهوته الدنيا وعاش لها لا يفقه المعاني الروحية والقيم الإنسانية ويوزن كل شيء بالمعايير المادية ، فإذا شاهد شخصا يضحي بكل شيء وحتى بنفسه لأجل أن يصل إلى هدف معنوي ، فسوف لا يصدّق بأنّه عاقل ، لأن العقل في عرفهم هو ما يصيب : المال الوافر ، الزوجة الجميلة ، الحياة المرفهة ، والوجاهة الكاذبة!
وعليه ، فحينما يرون رجلا قد عرضت عليه الدنيا بكل ما يحملون به فأبى أن يقبلها بقوله : «والله لو وضعتم الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته» فسيقولون عنه : إنّه لمجنون!
الملفت في التهم الموجهة إلى أنبياء الله تعالى أنّها تحمل بين طياتها تضادا واضحا يلمس بأدنى تدبر ، ففي الوقت الذي يرمون النّبي بالمجنون يعودون ويقولون عنه : إنّه لساحر، فمع أن الساحر لا بدّ له من الذكاء والنباهة ، فهل يعقل أن يكون الساحر ، مجنونا؟!
إنّهم لم يكتفوا بنسبة الجنون إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل تحججوا قائلين : (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ).
يجيبهم الباري جل شأنه : (ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ). فلو ثمّ إنزال الملائكة وشاهدوا الحقيقة بأعينهم ثمّ لم يؤمنوا بما فسوف يحيق بهم ، العذاب الالهي دون إمهال.
وللمفسّرين وجوها متباينة في تفسير (ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِ) :
١ ـ يرى البعض ، أن أمر تنزيل الملائكة لا يتعلق بما يتقوله القائلون تحججا ،