من دون الله ، بعد أن فقد زمام استقلال المؤمن الحق.
أولئك الذين يعتقدون أن القوى العالمية الكبرى يمكن أن تكون ملجأ لهم في حياتهم ، وإن كانت كافرة بالله وجهنمية فهم من الناحية العملية الواقعية عبدة للأصنام ومشركين بالله عزوجل ، وينبغي محاججتهم ب :
هل خلقت لكم هذه المعبودات شيئا؟
هل هي مصدر النعمة؟
أهي مطلعة على شؤونكم الظاهرة والخفية؟
وهل تعلم متى ستبعثون؟
هل بيدها الثواب والعقاب؟
وإن كانت الإجابة بالنفي ، فلم تعبدونها من دون الله؟!
وبعد هذه الاستدلالات الحية والواضحة على عدم صلاحية الأصنام يخلص القرآن إلى النتيجة المنطقية لما ذكر : (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ).
وبما أنّ العلاقة بين المبدأ والمعاد مترابطة ربطا لا انفصام فيه ، يضيف القرآن الكريم من غير فاصلة : (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) (١).
فأدلة التوحيد والمعاد قائمة لمن أراد الحق وطلب الحقيقة ، إلّا أن سبب عدم قبول الحق وإنكاره يرجع إلى حالة الاستكبار وعدم التسليم له ، ويصبح ملكة في وجود المنكرين خصوصا بعد أن يصل بهم الحال إلى إنكار الحقائق الحسيّة المتوفرة لديهم ، وعندها فلا ينفع معهم كلام حق أو دليل شاخص أو منطق سليم.
فالأدلة الحية التي ذكرتها الآيات السابقة بعدم صلاحية الأصنام للعبادة كافية لكل ذي لب رشيد ، إلّا أنّ هناك الكثير ممن لا يقبلها مع مالها من حقيقة
__________________
(١) إنّ حرف الفاء في كلمة «فالذين» للتفريع كما هو معلوم ، فيكون المراد : إنّ إنكار القيامة فرع لإنكار المبدأ.