في تفسير لهذه الآية اعتبر معناها (أحاط بهم).
ويمكن الجمع بين المعنيين ، فيكون المعنى : نزول العذاب عليهم ، وكذلك محيطا بهم.
وعلى أية حال ، فتعبير الآية ب (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) يؤكد مرّة أخرى على عودة الأعمال على فاعلها سواء في الدنيا أو في الآخرة ، وتتجسم له بصور شتى ، وتعذبه وتؤلمه وليس غير ذلك (١).
وتشير الآية التالية إلى أحد أقوال المشركين الخاوية ، فتقول : (وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ).
إنّ قولهم (وَلا حَرَّمْنا) إشارة إلى بعض أنواع الحيوانات التي حرّم لحومها المشركون في عصر الجاهلية ، والتي أنكرها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بشدة.
والخلاصة : أنّهم أرادوا الادعاء بأنّ كلّ ما عملوه من عبادة للأصنام إلى تحليل وتحريم الأشياء ، إنما كان وفقا لرضا الله تعالى وبإذنه!
ولعل قولهم يكشف عن وجود عقيدة (الجبر) ضمن ما كانوا به يعتقدون ، معتبرين كل ما يصدر منهم إن هو إلّا من القضاء المحتوم عليهم (كما فهم ذلك جمع كثير من المفسّرين).
وثمّة احتمال آخر : إنّهم لم يقولوا ذلك اعتقادا منهم بالجبر ، وإنّما أرادوا الإحتجاج على الله سبحانه ، وكأنّهم يقولون : إن كانت أعمالنا لا ترضي الله تعالى فلما ذا لم يرسل إلينا الأنبياء لينهونا عمّا نقوم به ، فسكوته وعدم منعه ما كنّا نعمل دليل على رضاه.
وهذا الاحتمال ينسجم مع ذيل الآية والآيات التالية.
__________________
(١) وعلى هذا ، فلا داعي لتقدير كلمة «جزاء» قبل «سيئات» في الآية.