من عقابي لا غير.
ومن الملفت للنظر أنّ الآية أشارت إلى نفي وجود معبودين في حين أن المشركين كانوا يعبدون أصناما متعددة.
ويمكن أن يكون ذلك إشارة إلى إحدى النقاط التالية أو إلى جميعها :
١ ـ إنّ الآية نفت عبادة اثنين ، فكيف بالأكثر؟!
وبعبارة أخرى : إنّها بيّنت الحد الأدنى للمسألة ليتأكّد نفي الأكثر ، وأيّ عدد ننتخبه (أكثر من واحد) لا بدّ له أن يمر بالإثنين.
٢ ـ كل ما يعبد من دون الله جمع في واحد ، فتقول الآية : أن لا تعبدوها مع الله ، ولا تعبدوا إلهين (الحق والباطل).
٣ ـ كان العرب في الجاهلية قد انتخبوا معبودين :
الأوّل : خالق العالم ، أي الله عزوجل وكانوا يؤمنون به.
والثّاني : الأصنام ، واعتبروها واسطة بينهم وبين الله ، واعتبروها كذلك منبعا للخير والبركة والنعمة.
٤ ـ يمكن أن تكون الآية ناظرة إلى نفي عقيدة (الثنويين) القائلين بوجود إله للخير وآخر للشر ، ومع انتخابهم لأنفسهم هذا المنطق الضعيف الخاطئ ، إلّا إنّ عبدة الأصنام قد غالوا حتى في هذا المنطق وتجاوزوه لمجموعة من الآلهة!
وينقل المفسّر الكبير العلّامة الطبرسي في تفسير هذه الآية عبارة لطيفة نقلها عن بعض الحكماء : (نهاك ربك أن تتخذ إلهين فاتخذت آلهة ، عبدت : نفسك وهواك ، وطبعك ومرادك ، وعبدت الخلق فأنّى تكون موحدا).
ثمّ يوضح القرآن أدلة توحيد العبادة بأربعة بيانات ضمن ثلاث آيات ... فيقول أوّلا (وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهل ينبغي السجود للأصنام التي لا تملك شيئا ، أم لمن له ما في السموات والأرض؟
ثمّ يضيف : (وَلَهُ الدِّينُ واصِباً).