الأمعاء تزود البدن بمادتها الحياتية ، بينما يدفع الزائد منها إلى الخارج .. فما يهضم من غذاء داخل المعدة يسمّى «فرثا» وما يدفع إلى الخارج يسمّى (روثا).
ونعلم بأنّ جدار المعدة لا يمتص إلّا مقدارا قليلا من الغذاء (كبعض المواد السكرية) والقسم الأكبر منه ينتقل إلى الأمعاء كي يمتص الدم ما يحتاجه منه.
وكما نعلم أيضا بأنّ اللبن يترشح من غدد خاصّة داخل ثدي الإناث ، ومادته الأصلية تؤخذ من الدم والغدد الدهنية.
فهذه المادة الناصعة البياض ذات القوّة الغذائية العالية تنتج من الأغذية المهضومة المخلوطة بالفضلات ، ومن الدم.
والعجب يمكن في استخلاص هذا النتاج الخالص الرائع من عين ملوثة!
وبعد حديثه عن الأنعام وألبانها يتناول القرآن ذكر النعم النباتية ، فيقول : (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
«السكر» لغة ، له معاني مختلفة ، إلّا أنّه هنا بمعنى : المسكرات والمشروبات الكحولية (وهو المعنى المشهور من تلك المعاني).
وممّا لا يقبل الشك أنّ القرآن لا يجيز في هذه الآية صنع المسكرات من التمر والعنب أبدا ، وإنّما جاء ذكر المسكرات هنا لمقابلته ب (رِزْقاً حَسَناً) وكإشارة صغير لتحريم الخمر ونبذه. وعلى هذا .. فلا حاجة للقول بأنّ هذه الآية نزلت قبل تحريم الخمر أو أنّها تشير إلى تحليله ، بل حقيقة التعبير القرآني يشير إلى التحريم ، ولعل الآية كانت تمثل الإنذار الأوّل للتحريم.
وقد تبدو العبارة وكأنّها جملة اعتراضية بين قوسين داخل الآية القرآنية.
* * *