إنّ روح الخلية تأمر النحل المهندس والبناء والعامل ببناء البيوت ، وهي التي تأمر سكنة المدينة جميعا بالهجرة منها في يوم معين وساعة معينة ، وتتجه نحو حوادث ومشاق غير معلومة من أجل تحصيل مسكن ومأوى جديد!
إنّنا لا نستطيع أن نفهم في أي مجمع شورى قد طرحت قوانين مدينة النحل التي وضعتها روح الخلية واتخذ قرارها بتنفيذها ، من يصدر الأمر بالحركة في اليوم المعين؟
نعم ، إنّ في الخلية مقدمات هجرة من أجل إطاعة الإله الذي بيده مصير النحل (١).
إنّ العالم المذكور قد واجه الإبهام في فهم هذه المسألة ، لما علقت في ذهنه من ترسبات الفكر المادي!
ولكننا نفهم بيسر من أين جاءت تلك القوانين والبرامج؟ ومن الآمر بها؟ وذلك من خلال الاستهداء بنور القرآن.
ما أجمل ما عبّر عنه القرآن حين قوله : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ)!
أو هل ثمة تعبير أوسع وأشمل وأنطق من هذا؟!
لم نذكر فيما قلناه عن النحل إلّا النزر اليسير لأنّ منهج التّفسير لا يسمع لذا بمواصلة هذا الموضوع (٢).
ونظن كفاية هذا القدر للمتفكر السائر نحو معرفة عظمة الله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
* * *
__________________
(١) تلخيص من كتاب (النحل) ، تأليف مترلينك.
(٢) اعتمدنا في بحثنا عن النحل وخواص العسل على جملة كتب منها : أوّل جامعة وآخر نبي ، والنحل ، تأليف مترلينك ، وعجائب عالم الحيوانات.