ليس إلّا.
وجملة (لا يَسْتَطِيعُونَ) سبب لجملة «لا يملكون» أي : إنّها لا تملك شيئا من الأرزاق لعدم استطاعتها الملك ، فكيف بالخلق!
ثمّ تقول الآية التالية كنتيجة لما قبلها : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) وذلك (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
قال بعض المفسّرين : إنّ عبارة (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) تشير إلى منطق المشركين في عصر الجاهلية (ولا يخلو عصرنا الحاضر من أشباه أولئك المشركين) حيث كانوا يقولون: إنّما نعبد الأصنام لأنّنا لا نتملك الأهلية لعبادة الله ، فنعبدها لتقربنا إلى الله! وإنّ الله مثل ملك عظيم لا يصل إليه إلّا الوزراء والخواص ، وما على عوام الناس إلّا أن تتقرب للحاشية والخواص لتصل إلى خدمة الله!!
هذا الانحراف في التوجه والتفكير ، والذي قد يتجسم أحيانا على هيئة أمثال منحرفة، إنّما هو من الخطورة بمكان بحيث يطغى على كل الانحرافات الفكرية.
ولذا يجيبهم القرآن الكريم قائلا : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) التي هي من صنع أفكاركم المحدودة ومن صنع موجودات (ممكنة الوجود) ومليئة بالنواقص.
وإنّكم لو أحطتم علما بعظمة وجوده الكريم وبلطفه ورحمته المطلقة ، لعرفتم أنّه أقرب إليكم من أنفسكم ولما جعلتم بينكم وبينه سبحانه من واسطة أبدا.
فالله الذي دعاكم لأن تدعوه وتناجوه ، وفتح لكم أبواب دعائه ليل نهار ، لا ينبغي أن تشبّهوه بجبار مستكبر لا يتمكن أيّ أحد من الوصول إليه ودخول قصره إلّا بعض الخواص (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ).
لقد أكّدنا في بحوثنا السابقة حول صفات الله عزوجل : أنّ منزلق التشبيه يعتبر من أخطر المزلقات في طريق معرفة صفاته سبحانه وتعالى ، ولا ينبغي مقايسة صفاته سبحانه بصفات العباد ، لأنّ الباري جلت عظمته وجود مطلق ، وكل