الهواء على بدنه لأقصى حد ممكن ، وريشه خفيف مجوف ، وصدره مسطح يمكنه من ركوب أمواج الهواء ، وطبيعة أجنحته الخاصّة تمنحه القوة الرافعة (١) التي تساعده على الارتفاع ، وكذلك الطبيعة الخاصّة لذيل الطائر التي تعينه على تغيير اتجاه طيرانه وسرعة التحوّل يمينا وشمالا وأعلى وأسفل (كذيل الطائرة) ، وذلك التناسق الموجود بين النظر وبقية الحواس التي تشترك جميعا في عملية الطيران ... وكل ذلك يعطي للطائر إمكانية الطيران السريع.
ثمّ إنّ طريقة تناسل الطير (وضع البيض) ، وعملية تربية الجنين ونموه تجري خارج رحم الأم ممّا يرفع عنها حالة الحمل والتي تعيق (بلا شك) عملية الطيران .. وثمّة أمور كثيرة تعتبر من العوامل المؤثرة فيزيائيا في عملية الطيران.
وكل ما ذكر يكشف عن وجود علم وقدرة فائقين لخالق ومنظم بناء وحركة هذه الكائنات الحية ، وكما يقول القرآن : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
إنّ عجائب الطيور لأكثر من أن تسطر في كتاب أو عدّة كتب ، فهناك مثلا الطيور المهاجرة وما يكتنف رحلاتها من عجائب ، وحياة هذه الطيور مبنية على التنقل بين أرجاء المعمورة المختلفة حتى أنّها لتقطع المسافة ما بين القطبين الشمالي والجنوبي على طولها ، وتعتمد في تعيين اتجاهات رحلاتها على إشارات رمزية تمكنها من عبور الجبال والأودية والبحار ، ولا يعيق تحركها رداءة الجو أو حلكة الظلام في الليالي التي يتيه فيها حتى الإنسان وبما يملك.
ومن غريب ما يحدث في رجلاتها أنّها : قد تنام أحيانا بين عباب السماء
__________________
(١) «القوة الرافعة» : اصطلاح فيزيائي حديث يستعمل في حقل الطائرات ، وخلاصته : أنّ الجسم إذا كان له سطحين متفاوتين بالاستواء (كجناح الطائرة حيث سطحه الأسفل مستويا والأعلى محدبا) وتحرك أفقيا فستتولد فيه قوة خاصّة ترفعه إلى الأعلى ، تنشأ من ضغط الهواء على سطحه الأسفل والذي يكون أكثر منه على السطح الأعلى ، لأنّ الأسفل مساحته أصغر ، والسطح العلوي أوسع مساحة ، وهذا ما تعتمد عليه حركة الطائرات .. وإذا ما دققنا النظر في اجنحة الطيور فسنرى هذه الظاهرة بوضوح ـ فتأمل. وعموما ، ينبغي القول : ما بناء الطائرات إلّا تقليد لأجسام الطيور في جوانب مختلفة!