وتشرح الآية التالية حال الظالمين بعد انتهاء مرحلة حسابهم ودخولهم في العذاب ، وكيف أنّهم يطلبون تخفيف شدة العذاب تارة ، ويطلبون إمهالهم مدّة تارة أخرى ، فتقول : (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ).
والآيتان أشارتا إلى أربع مراحل لأهوال المجرمين (وهو ما نشاهد شبيهه في حياتنا الدنيا) :
المرحلة الأولى : سعي المجرم للتنصل والتزوير لتبرئة نفسه ، وإن لم يحصل على هدفه يسعى إلى المرحلة التالية.
المرحلة الثّانية : يستعتب صاحب الحق ويمتص غضبه وصولا لرضاه ، وإذا لم ينفعه ذلك يتنقل إلى المرحلة الثّالثة.
المرحلة الثّالثة : يطلب تخفيف العذاب ، فيقول : عاقبني ولكن خفف العذاب! وإن لم يستجاب له لعظم ذنبه فإنّه سيطلب الطلب الأخير ...
المرحلة الرّابعة : يطلب الإمهال والتأجيل ، وهو المحاولة الأخيرة للنجاة من العقاب ...
إلّا أنّ القرآن الكريم يجيب عن طلبات المجرمين بعدم حصول إذن الدفاع عنهم ، ولا يمكنهم تحصيل رضا المولى جل وعلا ، ولا يخفف عنهم العذاب ، ولا هم ينظرون ، لأن أعمالهم من القباحة وذنوبهم من العظمة تسد كل أبواب الاستجابة.
وفي الآية التالية .. يستمر الحديث عن عاقبة المشركين ، وكيف أنّهم سيحشرون في جهنّم مع ما أشركوا من معبوداتهم الحجرية والبشرية ، فتقول الآية المباركة واصفة حالهم : (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ) ، فهذه المعبودات هي التي وسوست لنا للوقوع في درك العمل القبيح ، وهي شريكنا في الجرم أيضا ، فارفع عنّا بعض العذاب واجعله لها!