المخالفين فيترك دينه القويم وينخرط في المسالك الباطلة التي يتبعها الأكثرية.
واعلموا (إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ).
واليوم الذي تكونون فيه كثرة وأعداءكم قلة ليس بيوم اختبار وامتحان ، بل امتحانكم في ذلك اليوم الذي يقف فيه عدوكم أمامكم وهو يزيدكم عددا بأضعاف مضاعفة وأنتم قلّة.
وعلى أية حال .. ستتّضح النتيجة في الآخرة ليلاقي كل فرد جزاءه العادل : (وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) من هذا الأمر وغيره.
والآية التالية تجيب على توهم غالبا ما يطرق الأذهان عند الحديث عن الامتحان الإلهي والتأكيد على الالتزام بالعهود والوظائف ، وخلاصته : هل أنّ الله لا يقدر على إجبار الناس جميعا على قبول الحق؟ فتقول : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً).
«أمّة واحدة» من حيث الإيمان والعمل على الحق بشكل إجباري ، ولكن ذلك سوف لا يكون خطوة نحو التكامل والتسامي ولا فيه أفضلية للإنسان في قبوله الحق ، وعليه فقد جرت سنّة الله بترك الناس أحرارا ليسيروا على طريق الحق مختارين.
ولا تعني هذه الحرية بأنّ الله سيترك عباده ولا يعينهم في سيرهم ، وإنّما بقدر ما يقدمون على السير والمجاهدة سيحصلون على التوفيق والهداية والسداد منه جل شأنه ، حتى يصلوا لهدفهم ، بينما يحرم السائرون على طريق الباطل من هذه النعمة الرّبانية ، فتراهم كلما طال المقام بهم ازدادوا ضلالا.
ولهذا يواصل القرآن الكريم القول ب : (وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ).
ولكنّ الهداية الإلهية أو الإضلال لا تسلب المسؤولية عنكم ، حيث أنّ الخطوات الأولى على عواتقكم ، ولهذا يأتي النداء الرباني : (وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ