في صدر الإسلام يعتنقون هذا الدين الإلهي العظيم هو التزام المسلمين الراسخ بالعهود والمواثيق ورعايتهم لأيمانهم.
وما لهذا الأمر من أهمية بحيث دفع سلمان الفارسي لأن يقول : (تهلك هذه الأمّة بنقض مواثيقها) (١).
أي أنّ الوفاء بالعهد والميثاق كما أنّه يوجب القدرة والنعمة والتقدم ، فنقضهما يؤدي إلى الضعف والعجز والهلاك.
ونجد في التأريخ الإسلامي أنّ المسلمين عند ما غلبوا جيش الساسانيين في عهد الخليفة الثّاني وأسروا الهرمزان قائد جيش فارس ، وجاؤوا به إلى عمر ، قال له عمر : ما حجتك وما عذرك في انتقاضك مرّة بعد أخرى؟
فقال : أخاف أن تقتلني قبل أن أخبرك.
قال : لا تخف ذلك ، واستسقى ماء فأتى به في قدح غليظ.
فقال : لو مت عطشا لم أستطع أن أشرب في مثل هذا! فأتى به في إناء يرضاه ..
فقال : إنّي أخاف أن أقتل وأنا أشرب.
فقال عمر : لا بأس عليك حتى تشربه ، فأكفأه ...
فقال عمر : أعيدوا عليه ولا تجمعوا عليه بين القتل والعطش ..
فقال : لا حاجة لي في الماء ، إنّما أردت أن أستأمن به.
فقال عمر له : إنّي قاتلك.
فقال : قد أمنتني.
فقال : كذبت.
قال أنس : صدق يا أمير المؤمنين قد أمنته.
فقال عمر : يا أنس ، أنا أؤمن قالت مجزأة بن ثور ، والبراء بن مالك! ولله لتأتّين
__________________
(١) مجمع البيان ، في تفسير الآية (٩٤).