ولا تخلو جملة (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا ...) من الإشارة إلى أنّ الصبر والثبات في السير على طريق الطاعة ، وخصوصا حفظ العهود والإيمان هي من أفضل أعمال الإنسان.
وقد روي عن علي عليهالسلام قوله : «الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد ، ولا خير في جسد لا رأس معه ، ولا في إيمان لا صبر معه» (١).
ثمّ يبيّن القرآن الكريم بعد ذلك ـ على صورة قانون عام ـ نتائج الأعمال الصالحة المرافقة للإيمان التي يؤديها الإنسان وبأية صورة كانت في هذه الدنيا وفي الآخرة ، فيقول : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
وعليه ، فالمقياس هو الأعمال الصالحة الناتجة عن الإيمان بلا قيد أو شرط ، من حيث السن أو الجنس أو المكانة الاجتماعية أو ما شابه ذلك في هذا الأمر.
و «الحياة الطيبة» في هذه الدنيا هي النتاج الطبيعي للعمل الصالح النابع من الإيمان، أي أنّ المجتمع البشري سيعيش حينها حياة هادئة مطمئنة ملؤها الرفاه والسلم والمحبّة والتعاون ، بل وكل ما يرتبط بالمجتمع من المفاهيم الإنسانية ، وفي أمان من الآلام الناتجة عن الاستكبار والظلم والطغيان وعبادة الأهواء والأنانية التي تملأ الدنيا ظلاما وظلامات.
وعلاوة على كل ما تقدم فإنّ الله سيجزيهم بأحسن ما كانوا يعملون (كما تقدم تفسيره).
* * *
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، رقم ٨٢.