الحق والباطل فبذل دمه الشريف في سبيل الله .. الآلام التي تتحملها الأمّ المؤمنة عند الولادة وما تواجه من صعاب في تربية أبنائها .. وتشمل ما يعانيه العلماء في تحرير كتبهم الثمينة.
وتشمل أيضا : أعظم الأعمال ، كحمل رسالة النبوة .. وأقل وأصغر الأعمال ، كرفع حجر صغير من طريق المارة ، نعم ، فكل ما ذكره يدخل ضمن مفهوم العمل الصالح.
والحال هذه .. يواجهنا «السؤال» الآتي : لما ذا قيّد العمل الصالح بشرط الإيمان ، في حين يمكن أداؤه بدون هذا الشرط ، والساحة البشرية فيها كثير من الشواهد التي تحكي ذلك؟
و «الجواب» ينصب على تبيان مسألة واحدة ، ألا وهي (الباعث الإيماني) ، فإن لم يحرز هذا الباعث فغالبا ما تكون الأعمال المنجزة ملوّثة (وقد تشد عن هذه القاعدة العامّة بعض المتفرقات هنا وهناك) ، وأمّا إذا ارتوت جذور شجرة العمل الصالح من ماء التوحيد والإيمان بالله ، فنادرا ما يصيب هذا العمل آفات مثل : العجب ، والرياء ، الغرور ، التقلب ، المنّة .. إلخ ، ولذلك نرى القرآن الكريم غالبا ما يربط بين هذين الأمرين ، لما لارتباطهما من واقعية.
ونوضح المسألة في مثال : لو افترضنا أنّ شخصين أرادا بناء مستشفى ، أحدهما يدفعه الباعث الإلهي لخدمة خلق الله ، والآخر هدفه التظاهر بالعمل الصالح والحصول على السمعة والمكانة الاجتماعية المرموقة.
وفي النظرة الأولى وبتفكير سطحي يمكننا أن نقول ـ إنّ المستشفى ستقام ، وسيستفيد الناس من عملهما على السواء ، وصحيح أن أحدهما سيحصل على الثواب ، الإلهي والآخر لا يحصل عليه ، ولكنّ ظاهر عمليهما لا اختلاف فيه.
وكما قلنا فإنّ هذا القول ناتج عن رؤية سطحية للموضوع ، أمّا لو أمعنا النظر لرأينا أنّهما مختلفان من جهات متعددة ، فعلى سبيل المثال : إنّ الشخص الأوّل