البعض على نفسه ، والبعض الآخر حللها لنفسه بعد أن جعل قسما منها لأصنامه).
فهل أعطاكم الله حقّ سنّ القوانين؟ أم أنّ أفكاركم المنحرفة وتقاليدكم العمياء هي التي دفعتكم لإحداث هذه البدع؟ .. أو ليس هذا كذبا وافتراءا على الله؟!
وجاء في الآية (١٣٦) من سورة الأنعام بوضوح : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ).
ويستفاد كذلك من الآية (١٤٨) من سورة الأنعام : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ) أنّهم كانوا يجعلون لأنفسهم حق التشريع في التحليل والتحريم ، ويظنون أنّ الله يؤيد بدعهم! (وعلى هذا فكانوا يضعون البدعة أوّلا ويحللون ويحرمون ثمّ ينسبون ذلك إلى الله فيكون افتراء آخر) (١).
ويحذر القرآن في آخر الآية بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) لأنّ من مسببات الشقاء الأساسية الكذب والافتراء على أيّ إنسان ، فكيف به إذا كان على الله عزوجل!؟ فلا أقل والحال هذه من مضاعفة آثاره السيئة.
وتوضح الآية التالية ذلك الخسران ، فتقول : (مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
ويمكن أن تكون (مَتاعٌ قَلِيلٌ) إشارة إلى أجنّة الحيوانات الميتة التي كانوا يحللونها لأنفسهم ويأكلون لحومها ، أو إشارة إلى إشباعهم حب الذات وعبادتها بواسطة جعل البدع، أو أنّهم بتثبيت الشرك وعبادة الأصنام في مجتمعهم يتمكنون أن يحكموا على الناس مدّة من الزمن ، وكل ذلك (مَتاعٌ قَلِيلٌ) سيعقب (عَذابٌ
__________________
(١) ولذا جاء ذكر افتراءهم في الآية مسبوقا باللام ليكون نتيجة وغاية لبدعهم ـ فتأمل.