والمسلمون مشركي مكّة عند انتصارهم عليهم ، على الرغم من أن المسلمين كانوا من أبناء تلك البيئة التي نفذ شعور الانتقام والحقد فيها ليتوغل ويركد في أعماق المجتمع ، بل وكانت الأحقاد تتوارث جيلا بعد جيل إلى حدّ كان عدم الانتقام يعدّ عيبا كبيرا لا يمكن ستره!
ومن ثمار عفو وسماحة الإسلام أن اهتزت تلك الأمّة الجاهلة العنيدة من أعماقها واستيقظت من نوم غفلتها ، وراح أفرادها كما يقول عنهم القرآن الكريم : (يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً).
٦ ـ (وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ) :
والصبر إنّما يكون مؤثرا وفاعلا إذا قصد به رضوانه تعالى ولا يلحظ فيه أيّ شيء دون ذلك.
وهل يتمكن أيّ إنسان من الصبر على الكوارث المقطعة للقلب من غير هدف معنوي وبدون قوة إلهية ويتحمل الآلام دون فقدان الاتزان!؟ .. نعم ، ففي سبيل رضوان الله كل شيء يهون وما التوفيق إلّا منه عزوجل.
٧ ـ وإذا لم ينفع الصبر في التبليغ والدعوة إلى الله ، ولا العفو والتسامح ، فلا ينبغي أن يحل اليأس في قلب المؤمن أو يجزع ، بل عليه الاستمرار في التبليغ بسعة صدر وهدوء أعصاب أكثر ، ولهذا يقول القرآن الكريم في الأصل السابع : (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ).
لأنّ الحزن والتأسف على عدم إيمان المعاندين يترك أحد أثرين على الإنسان ، فإمّا أن يصيبه اليأس الدائم ، أو يدفعه إلى الجزع والغضب وضعف التحمل ، فالنهي عن الحزن عليهم يحمل في واقعة نهيا للأمرين معا ، فينبغي للعاملين في طريق الدعوة إلى الله .. عدم الجزع وعدم اليأس.
٨ ـ (وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ).
فمهما كانت دسائس العدو العنيد واسعة ودقيقة وخطرة فلا ينبغي لك ترك