أو القوس.
ويعتبر وجود الأبراج السماوية ، وكذلك النظام الدقيق في حركة منازل الشمس والقمر ضمن هذه البروج (وهو التقويم المجسّم لعالم وجودنا) ، يعتبر من الأدلة الواضحة على علم وقدرة الخالق جل وعلا.
إنّ هذا النظام العجيب بما يحمل من دقة في حساب تشكيله يكشف لنا وجود هدف لخلق هذا العالم ، وكلما أمعنا النظر في خلق الله ازددنا مقربة من معرفة الخالق الجليل.
ثمّ يضيف : (زَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ) (١).
انظروا لإحدى الليالي المظلمة ذات النجوم الكثيرة فسترون مجموعات نجمية ائتلفت فيما بينها في كل زاوية من زوايا السماء ، وكأنّها حلقات تنظيمية تتجاذب أطراف الحديث ، وترى تلك كأنّها ترمقنا شابحة ، وأخرى تغمزنا باستمرار وكأنّها تدعونا إليها ، ويخال من بعضها وكأنّها تقترب منّا لشدة تلألئها ، وتلك التي تنادينا بخافت ضوئها وينطق لسان حالها من أعماق السماء وجوفها المتباعد .. إنّني هنا!
هذه اللوحة الشاعرية الرائعة ربّما ألفها البعض على أنّها عادية نتيجة لتكرار المشاهدة ، ومع ذلك فلها جذب خاص وهي جديرة بالتأمل.
وحينما يبزغ القمر (وبأشكاله المختلفة) وسط تلك المجاميع ، يضيف إلى سحرها وجمالها رونقا جديدا.
وتراها خجلة ، لا تقوى على أن ترفع رأسها إلّا بعد غروب الشمس ، فتتلألأ الواحدة تلو الأخرى ، كأنّهن يخرجن على استحياء من خلف ستار .. وما إن يحل الطلوع حتى نراها تفر فرارا لتختفي.
__________________
(١) ضمير «زيناها» يعود إلى «السماء» لأنّها مؤنث مجازي.