أحصاها» (١).
وهنا يطرح هذا السؤال ؛ عن ماهية هذه الصحيفة وكيفيتها؟
ممّا لا شك فيه أنّها ليست من جنس الكتب والورق والصحف العادية ، لذا فإنّ بعض المفسّرين قالوا بأنّ صحيفة الأعمال ليست سوى «روح الإنسان» والتي تكون جميع الأعمال مثبتة فيها (٢) لأنّ أي عمل نعمله سيكون له أثر في روحنا شئنا أم أبينا.
وقد تكون صحيفة الأعمال ، هي أعضاء جسمنا وجلودنا ، والأعظم من ذلك هو أنّ الصحيفة قد تكون متضمّنة في الأرض والهواء والفضاء الذي يحيطنا والذي نعيش فيه ، لأنّ هذه المفردات هي ووعاء أعمالنا ، فترتسم الأعمال في أفق الأرض الهواء والوجود الذي حولنا ، هذا الوجود الذي تنحت في ذراته أعمالنا أو آثارها وعلى الأقل.
وإذا كانت هذه الآثار غير محسوسة اليوم ، ولا يمكن دركها في الحياة الدنيا هذه ، إلّا أنّ ذلك ـ بدون شك ـ لا يعني عدم وجودها ؛ فعند ما نرزق بصرا جديدا آخر (في يوم القيامة) فسوف يكون بإمكاننا أن نرى جميع هذه الأمور ، ونقرؤها.
على أنّ استخدام الآية الكريمة لتعبير (اقرأ) ينبغي أن لا يغيّر من تفكيرنا شيئا إزاء ما ذهبنا إليه آنفا ، لأنّ كلمة «اقرأ» تتضمّن مفهوما واسعا ، وتدخل الرؤيا بمفهومها الواسع هذا ، فنحن مثلا وفي تعابيرنا العادية التي نستخدمها يوميا نقول : قرأت في عيني فلان ما الذي يريد أن يفعله ، كما أنّنا في عالم اليوم أخذنا نستخدم كلمة «اقرأ» بخصوص الأشعة التي تؤخذ للمرضى ، هذا بالرغم من أنّ الأشعة ، هي صورة تخضع للمشاهدة لا للقراءة ، وهذا المثال والأمثلة التي سبقته
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ١٤٤.
(٢) يراجع تفسير الصافي في شأن تفسير هذه الآية.