المحبة ، ودليل الود لهم : (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ).
٤ ـ أخيرا تنتهي الآيات ، إلى توجيه الإنسان نحو الدعاء لوالديه وذكرهم بالخير سواء كانا أمواتا أم أحياء ، وطلب الرحمة الرّبانية لهما جزاء لما قاما به من تربية (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً).
إضافة إلى ما ذكرناه ، فثمّة ملاحظة لطيفة أخرى يطويها التعبير القرآني ، هذه الملاحظة خطاب للإنسان يقول : إذ أصبح والداك مسنّين وضعيفين وكهلين لا يستطيعان الحركة أو رفع الخبائث عنهما ، فلا تنس أنّك عند ما كنت صغيرا كنت على هذه الشاكلة أيضا ، ولكن والديك لم يقصرا في مداراتك والعناية بك ، لذا فلا تقصّر أنت في مداراتهم ومحبتهم.
وقد تحدث من قبل بعض الأبناء انحرافات فيما يتعلق بحقوق الوالدين واحترامهم والتواضع لهم ، وقد يصدر هذا العقوق عن جهل في بعض الأحيان ، وعن قصد وعلم في أحيان أخرى ، لذا فإنّ الآية الأخيرة في بحثنا هذا تشير إلى هذا المعنى بالقول : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ). وهذه إشارة إلى أنّ علم الله ثابت وأزلي وأبدي وبعيد عن الاشتباهات ، بينما علمكم أيّها الناس لا يحمل هذه الصفات! لذلك فإذا طغى الإنسان وعصى أوامر خالقه في مجال احترام الوالدين والإحسان إليهم ، ولكن بدون قصد وعن جهل ، ثمّ تاب بعد ذلك وأناب ، وندم على ما فعل وأصلح ، فإنّه سيكون مشمولا لعفو الله تعالى : (إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً).
«أوّاب» مشتقة من «أوب» على وزن «قوم» وهي تعني الرجوع مع الإرادة ، في حين أن كلمة «رجع» تقال للرجوع مع الإرادة أو بدونها ، لهذا السبب يقال للتوبة «أوبة» لأنّ حقيقة التوبة تنطوي على الرجوع عن الأمر (المنكر) ، إلى الله ، مع الإرادة.
وبما أنّ كلمة «أوّاب» هي صيغة مبالغة ، لذا فإنّها تقال للأشخاص الذين كلما