حول المقصود بها ، إذ هل هو المعنى العام أو الخاص؟ ويمكن أن نلاحظ هنا بعض هذه الآراء :
* البعض يعتقد أنّ المخاطب بالآية جميع المؤمنين والمسلمين ، والغرض هو الحث على أداء حقوق الأقرباء.
* البعض الآخر يرى أنّ المخاطب في الآية هو الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والغرض هو إيصال حقوق أقرباء النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كخمس الغنائم ، أو غيرها ممّا يتعلق بها الخمس. أو بصورة عامّة تأدية كل الحقوق التي لهم في بيت المال.
لذلك نرى في روايات عديدة عند الشيعة والسنّة إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث إلى فاطمة عليهاالسلام بعد نزول هذه الآية ، ووهبها فدكا (١).
ففي مصادر السنة مثلا نقرأ عن أبي سعيد الخدري الصحابي المعروف : «لما نزل قوله تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) أعطى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاطمة فدكا» (٢).
ويستفاد من بعض الرّوايات ، أنّ الإمام زين العابدين عليهالسلام أثناء سيره إلى الشام بعد واقعة كربلاء ، استدلّ بهذه الآية (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) في التعريف بنفسه وأهل بيته وعيال أبيه الحسين عليهالسلام ، بأنّهم المعنيين بقوله تعالى : فيما كان أهل الشام يغمطونهم هذا الحق! (٣).
ولكن ـ كما أشرنا سابقا ـ ليس هناك تعارض بين هذين التّفسيرين ، فالكل مكلفون بإيتاء حقوق ذوي القربى ، والرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي اعتبر قائدا للأمّة
__________________
(١) فدك أرض معمورة وخصبة ، كانت بالقرب من خبير وعلى بعد (١٤٠) كم عن المدينة المنورة ، وفدك بعد خبير كانت مركزا لاستقرار يهود الحجاز [يراجع كتاب : مراصد الاطّلاع. موضوع فدك]. وبعد أن استسلم اليهود للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بدون حرب ، أعطى الرّسول هذه الأرض إلى فاطمة الزّهراء عليهاالسلام وذلك وفقا للوقائع التأريخية الثابتة لدى الجميع ، لكنّها صودرت بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولأسباب سياسية وبقيت في أيدي الخلفاء إلى أن أعادها عمر بن عبد العزيز أيّام خلافته إلى العلويين.
(٢) نقل هذا الحديث «البذار» و «أبو يعلى» و «ابن أبي حاتم» و «ابن مردوية» عن «أبي سعيد» [لا حظ كتاب ميزان الاعتدال المجلد الثّاني صفحة (٢٨٨) وكنز العمال المجلد الثّاني صفحة (١٥٨)] وقد ورد هذا الحديث أيضا في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي عند حديثه عن هذه الآية ، وفي الدر المنثور أيضا وقد أخرجه عن طريق السنة والشيعة معا.
(٣) راجع تفسير نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ٢٥٥.