الأزمان (١).
وأمّا مؤيد وثبوت الأنواع فقد اختاروا الآيات مورد البحث وما شابهها ، حيث نقول إنّ الله تعالى خلق الإنسان من تراب من طين متعفن.
ومن الملفت للنظر أن هذا التعبير قد ورد في صفة خلق «الإنسان» (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) ـ الآية السادسة والعشرون من سورة الحجر ـ وأيضا في صفة خلق «البشر» (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) ـ الآية الثامنة والعشرون من سورة الحجر ـ وفي مسألة سجود الملائكة بعد خلق شخص آدم أيضا (لاحظ الآيات ٢٩ ، ٣٠ ، ٣١ من سورة الحجر).
عند الملاحظة الأولى للآيات يظهر أن خلق آدم كان من الحمأ المسنون أوّلا ، ومن ثمّ اكتملت هيئته بنفخ الروح الإلهية فيه فسجد له الملائكة إلّا إبليس.
ثمّ إنّ أسلوب تتابع الآيات لا ينم عن وجود أيّ من الأنواع الأخرى منذ أن خلق آدم من تراب حتى الصورة الحالية لبنيه.
وعلى الرغم من استعمال الحرف «ثمّ» في بعض من هذه الآيات لبيان الفاصلة بين الأمرين ، إلّا أنّه لا يدل أبدا على مرور ملايين السنين ووجود آلاف الأنواع خلال تلك الفاصلة.
بل لا مانع إطلاقا من كونه إشارة إلى نفس مرحلة خلق آدم من الحمأ المسنون ، ثمّ مرحلة خلقه من الصلصال ، فخلق بدن آدم ، ونفخ الروح فيه.
وذلك ما ملاحظه في استعمال «ثمّ» في مسألة خلق الإنسان في عالم الجنين والمراحل التي يطويها .. (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ ... ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا
__________________
(١) وهناك احتمال آخر وهو : أن اصطفاء آدم من بين أولاده بعد أن مرت عليهم مدة ليست بالطويلة فتشكل من بينهم مجتمع صغير.