بعيد ، ولذلك سنتطرق إلى الآيات القابلة للبحث والمناقشة.
أهم آية يتمسك بها مؤيد والفرضية ، الآية الثّالثة والثلاثون من سورة آل عمران (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ ، وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ).
فيقولون : كما أنّ نوحا وآل إبراهيم وآل عمران كانوا يعيشون ضمن أممهم فاصطفاهم الله من بينهم فكذلك آدم ، أي ينبغي أنّه كان في عصره وزمانه أناس باسم «العالمين» فاصطفاه الله من بينهم ، وهذا يشير إلى أن آدم لم يكن أوّل إنسان على وجه الأرض ، بل كان قبله أناس آخرون ، ثمّ امتاز آدم من بينهم بالطفرة الفكرية والروحية فكانت سببا لاصطفائه من دونهم.
هذا وذكروا آيات أخر ولكنّها من حيث الأصل لا ترتبط بمسألة البحث ، ولا يعدو تفسيرها بالتكامل أن يكون تفسيرا بالرأي ، وبالبعض الآخر مع كونه ينسجم مع التكامل النوعي إلّا أنّه ينسجم مع الثبوت النوعي والخلق المستقل لآدم كذلك ، ولهذا ارتأينا صرف النظر عنها.
أمّا ما يؤخذ على هذا الاستدلال فهو أنّ كلمة «العالمين» إن كانت بمعنى الناس المعاصرين لآدم عليهالسلام وأنّ الاصطفاء كان من بينهم ، كان ذلك مقبولا ، أمّا لو اعتبرنا «العالمين» أعم من المعاصرين لآدم ، حيث تشمل حتى غير المعاصرين ، كما روي في الحديث المعروف عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في فضل فاطمة عليهاالسلام حيث قال : «أمّا ابنتي فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين» ، ففي هذه الحال سوف لا تكون لهذه الآية دلالة على مقصودهم ، وهو شبيه بقول قائل : إنّ الله تعالى اصطفى عدّة أشخاص من بين الناس جميعا في كل القرون والأزمان ، وآدم عليهالسلام أحدهم ، وعندها سوف لا يكون لازما وجود أناس في زمان آدم كي يطلق عليهم اسم «العالمين» أو يصطفى آدم من بينهم، وخصوصا أن الاصطفاء إلهي ، والله عزوجل مطلع على المستقبل وعلى كافة الأجيال في كل