الخوف من الله والورع والالتزام ، فهي إذن ... جامعة لكافة صفات الكمال الإنساني.
إنّ ذكر الجنات والعيون بصيغة الجمع إشارة إلى تنوع رياض الجنّة وكثرة عيونها ، والتي لكل منها لذة مميزة وطعم خاص.
٢ و ٣ ـ ثمّ تشير الآيات إلى نعمتين معنويتين مهمّتين أخيرتين (السلامة) و (الأمن) .. السلامة من أيّ أذى وألم ، والأمن من كل خطر ، فتقول ـ على لسان الملائكة مرحبة بهم ـ : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ).
وفي الآية التّالية بيان لثلاث نعم معنوية أخرى :
٤ ـ (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) أي : الحسد والحقد والعداوة والخيانة (١).
٥ ـ (إِخْواناً) تربطهم أقوى صلات المحبة.
٦ ـ (عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (٢).
إن جلساتهم الاجتماعية خالية من القيود المتعبة التي يعاني منها عالمنا الدنيوي ، فلا طبقية ولا ترجيح بدون مرجح والكل إخوان ، يجلسون متقابلين في صف واحد ومستوى واحد.
وبطبيعة الحال ، فهذا لا ينافي تفاوت مقاماتهم ودرجاتهم الحاصلة من درجة الإيمان والتقوى في الحياة الدنيا ، ولكنّ ذلك التساوي إنما يرتبط بجلساتهم الاجتماعية.
٧ ـ ثمّ تأتي الإشارة إلى النعمة المادية والمعنوية السابعة : (لا يَمَسُّهُمْ فِيها
__________________
(١) الغل : في الأصل بمعنى النفوذ الخفي للشيء ، ولهذا يطلق على الحسد والحقد والعداوة التي تنفذ بخفاء في نفس الإنسان ، فالغل مفهوم واسع يشمل الكثير من الصفات الأخلاقية القبيحة.
(٢) السرر : جمع سرير ، وهي المقاعد التي يجلسون عليها في جلسات سمرهم. (علما بأن كلا من سرر وسرير من مادة واحدة).