أراد المنازل. وقول الآخر :
حين ألقت بقباء بركها |
|
واستحرّ القتل فى عبد الأشل (١) |
يريد عبد الأشهل من الأنصار ، وقول أبى دواد :
يذرين جندل حائر لجنوبها |
|
فكأنما تذكى سنابكها الحبا (٢) |
أى تصيب بالحصى فى جريها جنوبها ، وأراد الحباحب ، وقال الأخطل :
أمست مناها بأرض ما يبلغها |
|
بصاحب الهمّ إلا الجسرة الأجد (٣) |
قالوا : يريد منازلها ، ويجوز أن يكون مناها قصدها.
ودع هذا كلّه ، ألم تسمع إلى ما جاءوا به من الأسماء المستفهم بها ، والأسماء المشروط بها ، كيف أغنى الحرف الواحد عن الكلام الكثير ، المتناهى فى الأبعاد والطول ؛ فمن ذلك قولك : كم مالك ، ألا ترى أنه قد أغناك ذلك عن قولك : أعشرة مالك ، أم عشرون ، أم ثلاثون ، أم مائة ، أم ألف ، فلو ذهبت تستوعب الأعداد لم تبلغ ذلك أبدا ؛ لأنه غير متناه ؛ فلما قلت : «كم» أغنتك هذه اللفظة الواحدة عن تلك الإطالة غير المحاط بآخرها ، ولا المستدركة. وكذلك أين بيتك ؛ قد أغنتك «أين» عن ذكر الأماكن كلها. وكذلك من عندك ؛ قد أغناك هذا عن ذكر الناس كلهم. وكذلك متى تقوم ؛ قد غنيت بذلك عن ذكر الأزمنة على بعدها.
وعلى هذا بقية الأسماء من نحو : كيف ، وأىّ ، وأيان ، وأنّى. وكذلك الشرط فى قولك : من يقم أقم معه ؛ فقد كفاك ذلك من ذكر جميع الناس ، ولو لا هو
__________________
(١) البيت من الرمل ، وهو لعبد الله بن الزبعرى فى ديوانه ص ٤٢ ، ولسان العرب (برك) ، وتاج العروس (برك) ، (قبا) ، (شهل) ، وبلا نسبة فى لسان العرب (شهل) ، وأساس البلاغة (حرر). والبرك : وسط الصدر ، وابترك القوم فى القتال جثوا على الركب واقتتلوا ابتراكا.
(٢) البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (حبحب) وفيه «إنما أراد الحباحب ، أى نار الحباحب ، يقول : تصيب بالحصى فى جريها جنوبها. يقال للخيل إذا أورت النار بحوافرها : هى نار الحباحب ، والحباحب : طائر يطير فيما بين المغرب والعشاء ، كأنه شرارة. وفى تاج العروس (حبب) ويروى : جائر بدلا من حائر.
(٣) البيت من البسيط. وهو للأخطل فى ديوانه ص ٤٧ ، ولسان العرب (نزل) ، (منى) ، وكتاب الجيم ٣ / ٢٣٧ ، وتاج العروس (منا).