ازدادت العبارة شبها بالمعنى كانت أدل عليه ، بالغرض فيه. فلما كانت إذا فاجأت الأفعال فاجأت أصول المثل الدالة عليها أو ما جرى مجرى أصولها ، نحو وهب ومنح ، وأكرم ، وأحسن ، كذلك إذا أخبرت بأنك سعيت فيها وتسببت لها ، وجب أن تقدم أمام حروفها الأصول فى مثلها الدالة عليها أحرفا زائدة على تلك الأصول تكون كالمقدمة لها ، والمؤدية إليها وذلك نحو استفعل ، فجاءت الهمزة والسين والتاء زوائد ، ثم وردت بعدها الأصول : الفاء والعين واللام ، فهذا من اللفظ وفق المعنى المقصود هناك ، وذلك أن الطلب للفعل والتماسه والسعى فيه والتأنى لوقوعه تقدمه ، ثم وقعت الإجابة إليه ، فتبع الفعل السؤال فيه والتسبب لوقوعه ، فكما تبعت أفعال الإجابة أفعال الطلب ، كذلك تبعت حروف الأصل الحروف الزائدة التى وضعت للالتماس والمسألة ، وذلك نحو : استخرج ، واستوهب ، واستمنح ، واستعطى ، واستدنى» (١).
فى هذا النص يقارن ابن جنى بين الصيغ المجردة (الأصول) والصيغ المزيدة فى دلالتها على معانيها. فالصيغ المجردة وهى ما سماها بالأصول هى نحو : طعم ، ووهب ، ودخل ، وخرج ... إلخ.
أما الصيغ المزيدة فيجعلها نوعين :
ـ مزيد جرى مجرى الأصول : نحو : أحسن ، وأكرم ، فهذا يجرى مجرى الأصول فى مشابهته الرباعى المجيء على (فعلل).
ـ ومزيد زاد على الأصول ، مثّل له بما زاد على الأصول بأحرف متقدمة على الأصول (كاستفعل).
ثم يلمح ابن جنى المشابهة والمناسبة بين كل من هذه البنى وما تدل عليه من المعانى ؛ فالأفعال المجردة إنما تدل على المفاجأة للسمع بالإخبار عن الحدث دون تمهيد بأحرف تسبقه ، فهى إخبار بأصول فاجأت عن أفعال وقعت ، ولم يكن معها دلالة تدل على طلب ولا إعمال فيها.
وذلك نحو طعم ووهب وخرج ودخل ، وكذلك ما تقدمت الزيادة على سمت الأصل ، وهو ما جرى مجرى الأصول الرباعية على (فعلل) فجعل ما جاء على وزن (أفعل) كأحسن ، وأكرم جاريا مجرى الأصول الرباعية على (فعلل) فى نحو دحرج
__________________
(١) الخصائص (٢ / ١٥٣ / ١٥٤).