فأمّا أكرم يكرم ، فلولا ما كره من التقاء الهمزتين فى أؤكرم لو جيء به ، بما أصله للزم أن يؤتى بزيادته فيه ؛ كما جيء بالزيادة فى نحو يتدحرج ، وينطلق.
وأمّا همزة انطلق فإنما حذفت فى ينطلق للاستغناء عنها ، بل قد كانت فى حال ثباتها فى حكم الساقط أصلا ؛ فهذا واضح.
ولأجل ما قلناه : من أن الحرف المفرد فى أوّل الكلمة لا يكون للإلحاق ما حمل أصحابنا تهلل (١) على أن ظهور تضعيفه إنما جاز لأنه علم ، والأعلام تغيّر كثيرا. ومثله عندهم محبب ؛ لما ذكرناه.
وسألت يوما أبا علىّ ـ رحمهالله ـ عن تجفاف (٢) : أتاؤه للإلحاق بباب قرطاس؟ فقال : نعم ، واحتجّ فى ذلك بما انضاف إليها من زيادة الألف معها. فعلى هذا يجوز أن يكون ما جاء عنهم من باب أملود (٣) وأظفور ملحقا بباب عسلوج (٤) ، ودملوج ، وأن يكون إطريح وإسليح (٥) ملحقا بباب شنظير (٦) وخنزير. ويبعد هذا عندى ؛ لأنه يلزم منه أن يكون باب إعصار وإسنام (٧) ملحقا بباب حدبار (٨) وهلقام (٩) ، وباب إفعال لا يكون ملحقا ؛ ألا ترى أنه فى الأصل للمصدر ؛ نحو إكرام ، وإحسان ، وإجمال ، وإنعام ، وهذا مصدر فعل غير ملحق ، فيجب أن يكون المصدر فى ذلك على سمت فعله غير مخالف له. وكأنّ هذا ونحوه إنما لا يجوز أن يكون ملحقا من قبل أن ما زيد على الزيادة الأولى فى أوّله إنما هو حرف لين ، وحرف اللين لا يكون للإلحاق ، إنما جيء به لمعنى ، وهو امتداد الصوت به ، وهذا حديث غير حديث الإلحاق ؛ ألا ترى أنك إنما تقابل بالملحق الأصل ، وباب
__________________
(١) تهلل : قرية بالريف. انظر معجم البلدان. اللسان (جفف).
(٢) التّجفاف والتّجفاف : الذى يوضع على الخيل من حديد أو غيره فى الحرب.
(٣) أملود : ناعم ، وامرأة أملودة : ناعمة. الملد : الشباب ونعمته.
(٤) العسلوج : ما لان واخضرّ من قضبان الشجر والكرم أول ما ينبت.
(٥) الإسليح : شجرة ترعاها الإبل فيغزر لبنها.
(٦) الشّنظير : السيئ الخلق.
(٧) الأسنام بفتح الهمزة : جمع الأسنامة : ضرب من الشجر. والأسنام : ثمر الحلىّ. اللسان (سنم).
(٨) الحدبار : الناقة الضامرة.
(٩) الهلقام : الضخم الطويل.