ولهذا نظائر كثيرة ؛ إلا أن هذا سمتها وطريقها.
فقد ثبت بذلك أن هذه الأصول المومأ إليها على أضرب :
منها ما لا يمكن النطق به أصلا ؛ نحو ما اجتمع فيه ساكنان ؛ كسماء ، ومبيع ، ومصوغ ، ونحو ذلك.
ومنها ما يمكن النطق به ، غير أن فيه من الاستثقال ما دعا إلى رفضه واطّراحه ، إلا أن يشذّ الشىء القليل منه فيخرج على أصله منبهة ودليلا على أوليّة حاله ؛ كقولهم : لححت عينه ، وألل السقاء ، إذا تغيّرت ريحه ، وكقوله :
لا بارك الله فى الغوانى هل |
|
يصبحن إلا لهنّ مطّلب (١) |
ومن ذلك امتناعهم من تصحيح الياء فى نحو موسر ، وموقن ، والواو فى نحو ميزان ، وميعاد ، وامتناعهم من إخراج افتعل وما تصرّف منه إذا كانت فاؤه صادا ، أو ضادا ، أو طاء ، أو ظاء ، أو دالا ، أو ذالا ، أو زايا على أصله ، وامتناعهم من تصحيح الياء والواو إذا وقعتا طرفين بعد ألف زائدة ، وامتناعهم من جمع الهمزتين فى كلمة واحدة ملتقيتين غير عينين. فكل هذا وغيره مما يكثر تعداده ، يمتنع منه استكراها للكلفة فيه ، وإن كان النطق به ممكنا غير متعذّر.
وحدّثنا أبو علىّ رحمهالله فيما حكاه ـ أظنه ـ عن خلف الأحمر : قال : يقال التقطت النوى ، واشتقطته ، واضتقطته. فصحّح تاء افتعل وفاؤه ضاد ، ونظائره ـ مما يمكن النطق به إلا أنه رفض استثقالا له ـ كثيرة. قال أبو الفتح : ينبغى أن تكون الضاد فى اضتقطت بدلا من شين اشتقطت ، فلذلك ظهرت ؛ كما تصحّ التاء مع الشين. ونظيره قوله :
* مال إلى أرطاة حقف فالطجع (٢) *
__________________
(١) البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات فى ديوانه ص ٣ ، والأزهيّة ص ٢٠٩ ، والدرر ١ / ١٦٨ ، وشرح شواهد المغنى ص ٦٢ والكتاب ٣ / ٣١٤ ، واللسان (غنا) ، وبلا نسبة فى مغنى اللبيب ص ٢٤٣ ، وهمع الهوامع ١ / ٥٣.
(٢) الرجز لمنظور بن حبة الأسدى فى شرح التصريح ٢ / ٣٦٧ ، وبلا نسبة فى التنبيه والإيضاح ٢ / ٢٣٤ والتاج (أبز) ، (أرط) ، (ضجع) والأشباه والنظائر ٢ / ٣٤٠ ، وأوضح المسالك ٤ / ٣٧١