فى جفان تعترى نادينا |
|
وسديف حين هاج الصنّبر (١) |
يريد الصنّبر ، فاحتاج للقافية إلى تحريك الباء ، فتطرّق إلى ذلك بنقل حركة الإعراب إليها ؛ تشبيها بباب قولهم : هذا بكر ، ومررت ببكر ، وكان يجب على هذا أن يضمّ الباء فيقول : الصنّبر ؛ لأن الراء مضمومة ، إلا أنه تصوّر معنى إضافة الظرف إلى الفعل فصار إلى أنه كأنه قال : حين هيج الصنّبر ، فلمّا احتاج إلى حركة الباء تصوّر معنى الجرّ فكسر الباء ، وكأنه قد نقل الكسرة عن الراء إليها.
ولو لا ما أوردته فى هذا لكان الضمّ مكان الكسر. وهذا أقرب مأخذا من أن تقول : إنه حرّف القافية للضرورة كما حرّفها الآخر فى قوله :
هل عرفت الدار أم أنكرتها |
|
بين تبراك فشسّى عبقر (٢) |
فى قول من قال : أراد عبقر ، ثم حرّف الكلمة. ونحوه فى التحريف قول العبد :
وما دمية من دمى ميسنا |
|
ن معجبة نظرا واتّصافا (٣) |
أراد ـ فيما قيل ـ ميسان ، فزاد النون ضرورة ، فهذا ـ لعمرى ـ تحريف بتعجرف عار من الصنعة. والذى ذهبت أنا إليه هناك فى (الصنبر) ليس عاريا من الصنعة.
فإن قلت : فإن الإضافة فى قوله (حين هاج الصنبر) إنما هى إلى الفعل لا إلى الفاعل فكيف حرّفت غير المضاف إليه؟ قيل الفعل مع الفاعل كالجزء الواحد ، وأقوى الجزأين منهما هو الفاعل ، فكأن الإضافة إنما هى إليه لا إلى الفعل ، فلذلك جاز أن يتصوّر فيه معنى الجرّ.
__________________
(١) البيت فى ديوانه ص ٥٦ ، ولسان العرب (صنبر) ، وتهذيب اللغة ١٢ / ٢٧١ ، وتاج العروس (صنبر). الصّنّبر : الريح الباردة فى غيم. والسديف : السّنام المقطّع ، وقيل شحمه. اللسان (سدف).
(٢) البيت للمرار بن منقذ العدوى فى لسان العرب (عبقر) ، (شسس) ، (برك) ، وتهذيب اللغة ٣ / ٢٩٢ ، وتاج العروس (شسس) ، (برك) ، وشرح اختيارات المفضل ص ٤٢٤ ، وجمهرة اللغة ص ١٣٣ ، ٣٢٥ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (صنبر).
(٣) البيت لسحيم عبد بنى الحسحاس فى ديوانه ص ٤٣ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٤٧ ، ولسان العرب (ميس) ، (وصف) ، والممتع فى التصريف ١ / ٣٨٦.