مذهبا للعرب.
ومما يدلّك على صحّة ذلك قول العرب ـ فيما رويناه عن محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى ـ : (راكب الناقة طليحان) كذا رويناه هكذا ؛ وهو يحتمل عندى وجهين :
أحدهما ما نحن عليه من الحذف ، فكأنه قال : راكب الناقة والناقة طليحان ، فحذف المعطوف لأمرين : أحدهما تقدّم ذكر الناقة ، والشىء إذا تقدّم ذكره دلّ على ما هو مثله. ومثله من حذف المعطوف قول الله عزوجل (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) [البقرة : ٦٠] أى فضرب فانفجرت. فحذف (فضرب) لأنه معطوف على قوله : (فقلنا). وكذلك قول التغلبىّ (١) :
* إذا ما الماء خالطها سخينا*
أى شربنا فسخينا. فكذلك قوله : راكب الناقة طليحان ، أى راكب الناقة والناقة طليحان.
فإن قلت : فهلا كان التقدير على حذف المعطوف عليه ، أى الناقة وراكب الناقة طليحان؟ قيل يبعد ذلك من وجهين :
__________________
(١) عجز بيت لعمرو بن كلثوم فى ديوانه ص ٦٤ ، ولسان العرب (طلح) ، (حصص) ، (سخن) ، (سخا) ، وجمهرة اللغة ص ٩٩ ، وتاج العروس (حصص) ، (سخن) ، وكتاب العين (١ / ٧١) ، والمخصص ٣ / ٢ ، ١٥ / ٦٠ ، الأغانى ١١ / ٤٥ ، وجمهرة أشعار العرب ١ / ٣٨٩ ، والخزانة ٣ / ١٧٨ ، وشرح ديوان امرئ القيس ص ٣٢٠ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ١ / ١٨٨ ، وشرح القصائد السبع ص ٣٧٢ ، وشرح القصائد العشر ص ٣٢١ ، وشرح المعلقات السبع ص ١٦٥ ، وشرح المعلقات العشر ص ٨٨ ، وشعراء النصرانية ص ٤٥٥ ، وللتغلبى فى التاج (طلح) ومقاييس اللغة ٢ / ١٣ ، ٣ / ١٦٨ ، وديوان الأدب ٤ / ٩٢ ، وبلا نسبة فى أساس البلاغة (حصص).
والمعلقة أولها :
ألا هبى بصحنك فاصبحينا |
|
ولا تبقى خمور الأندرينا |
مشعشعة كأن الحص فيها |
يقال : «سخين» أى ماء ساخن. ويقال : «سخينا» من السخاء أى : جدنا بأموالنا. وانظر اللسان (سخن) ، والمعلقة.