وذهب محمد بن حبيب فى ذلك إلى أنه من لفظ (العنس) وأن اللام زائدة ، وذهب بها مذهب زيادتها فى ذلك ، وأولالك ، وعبدل وبابه. وقياس قول محمد بن حبيب هذا أن تكون اللام فى فيشلة وطيسل زائدة. وما أراه إلا أضعف القولين ؛ لأن زيادة النون ثانية أكثر من زيادة اللام فى كل موضع ، فكيف بزيادة النون غير ثانية. وهو أكثر من أن أحصره لك.
فهذه طريق تداخل الثلاثى [بعضه فى بعض. فأمّا تداخل الثلاثيّ] والرباعىّ لتشابههما فى أكثر الحروف فكثير ؛ منه قولهم : سبط ، وسبطر. فهذان أصلان لا محالة ؛ ألا ترى أن أحدا لا يدّعى زيادة الراء. ومثله سواء دمث ، ودمثر ، وحبج ، وحبجر (١). وذهب أحمد بن يحيى فى قوله :
* يردّ قلخا وهديرا زغدبا (٢) *
إلى أن الباء زائدة ، وأخذه من زغد البعير يزغد زغدا فى هديره. وقوله : إن الباء زائدة كلام تمجّه الآذان ، وتضيق عن احتماله المعاذير. وأقوى ما يذهب إليه فيه أن يكون أراد أنهما أصلان مقتربان كسبط وسبطر. وإن أراد ذلك أيضا فإنه قد تعجرف. ولكن قوله فى أسكفّة الباب : إنها من استكفّ الشىء أى انقبض أمر لا ينادى (٣) وليده ، روينا ذلك عنه. وروينا عنه أيضا أنه قال فى (تنّور) : إنه تفعول من النار. وروينا عنه أيضا أنه قال : الطيخ : الفساد [قال] : فهو من تواطخ القوم. وسنذكر ذلك فى باب سقطات العلماء بإذن الله.
__________________
(عسل) ، وللنابغة الجعدى فى ديوانه ص ٩٠ ، وتهذيب اللغة ٢ / ٩٦ ، ١٢ / ٤٢٨ ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٣٥ ، ٨٤٢ ، ومقاييس اللغة ٤ / ٣١٤ ، وديوان الأدب ٢ / ١٧٩ ، والمخصص ٧ / ١٢٦ ، ٨ / ٦٨ ، وكتاب العين ١ / ٣٣٣ ، ٧ / ٢٥٧ ، وتاج العروس (نسل) ، ولسان العرب (نسل).
(١) الحبج : المنتفخ السمين. والحبجر أيضا : الغليظ.
(٢) الرجز لرؤبة بن العجاج فى لسان العرب (ددن) ، وتهذيب اللغة ٢ / ٢٤٩ ، وتاج العروس (ببب) ، وليس فى ديوانه ، وللعجاج فى ملحق ديوانه ٢ / ٢٧٠ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٢٢ ، ولسان العرب (زغدب) ، (زغد). القلخ والزغدب : هدير البعير.
(٣) أمر لا ينادى وليده : هذا مثل يضرب للشيء الشديد الذى ينادى فيه العظماء لا الصغار.