حروف العلّة ، فأجريت (بيئس) عنده مجرى سيّد ، وهيّن ، كما أجريت التجزئة مجرى التعزية فى باب الحذف والتعويض ، وتابع أبو بكر البغداديين فى أن الحاء الثانية فى حثحثت بدل من ثاء ، وأن أصله حثّثت. وكذلك قال فى نحو ثرّة ، وثرثارة : إن الأصل فيها ثرّارة ، فأبدل من الراء الثانية ثاء ، فقالوا : ثرثارة. وكذلك طرد هذا الطرد. وهذا وإن كان عندنا غلطا لإبدال الحرف مما ليس من مخرجه ، ولا مقاربا فى المخرج له فإنه شقّ آخر من القول. ولم يدّع أبو بكر فيه تكرير الفاء ، وإنما هى عين أبدلت إلى لفظ الفاء ، فأمّا أن يدّعى أنها فاء مكررة فلا.
فهذا طريق تزاحم الرباعى مع الثلاثيّ. وهو كثير جدّا فاعرفه ، وتوقّ حمله عليه أو خلطه به ، ومز كلّ واحد منهما عن صاحبه ، وواله دونه ؛ فإن فيه إشكالا. وأنشدنى الشجرىّ لنفسه :
أناف على باقى الجمال ودفّفت |
|
بأنوار عشب مخضئلّ عوازبه |
وأما تزاحم الرباعىّ مع الخماسىّ فقليل. وسبب ذلك قلّة الأصلين جميعا ، فلمّا قلا قلّ ما يعرض من هذا الضرب فيهما ؛ إلا أن منه قولهم : ضبغطى ، وضبغطرى (١) ، وقوله أيضا :
* قد دردبت والشيخ دردبيس (٢) *
ف (دردبت) رباعيّ و (دردبيس) خماسىّ. ولا أدفع أن يكون استكره نفسه على أن بنى من (دردبيس) فعلا فحذف خامسه ؛ كما أنه لو بنى من سفرجل فعلا عن ضرورة لقال : سفرج.
* * *
__________________
(١) الضبغطى والضبغطرى : كلمة يفزع بها الصبيان.
(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (دردب) ، (دردبس) ، وتاج العروس (دردبس) ، والمخصص ١ / ٤٥. الدردبة : الخضوع والذل. والدردبيس : الشيخ الكبير.