وأنشد أيضا :
وعير لها من بنات الكداد |
|
يدهنج بالوطب والمزود (١) |
فأمّا قولهم : ما قام زيد بل عمرو ، وبن عمرو فالنون بدل من اللام ؛ ألا ترى إلى كثرة استعمال (بل) وقلة استعمال (بن) والحكم على الأكثر لا على الأقل.
هذا هو الظاهر من أمره. ولست مع هذا أدفع أن يكون (بن) لغة قائمة برأسها.
وكذلك قولهم : رجل (خامل) و (خامن) النون فيه بدل من اللام ؛ ألا ترى أنه أكثر ، وأن الفعل عليه تصرّف ، وذلك قولهم : خمل يخمل خمولا. وكذلك قولهم : قام زيد فمّ عمرو ، الفاء بدل من الثاء فى ثمّ ؛ ألا ترى أنه أكثر استعمالا.
فأمّا قولهم (فى الأثافى : الأثاثى) فقد ذكرناه فى كتابنا «فى سرّ الصناعة» وقال الأصمعىّ : بنات مخر وبنات بخر : سحائب يأتين قبل الصيف (بيض) منتصبات فى السماء ، قال طرفة :
كبنات المخر يمأدن إذا |
|
أنبت الصيف عساليج الخضر (٢) |
قال أبو على رحمهالله : كان أبو بكر يشتقّ هذه الأسماء من البخار ، فالميم على هذا فى (مخر) بدل من الباء فى (بخر) لما ذكر أبو بكر. وليس ببعيد عندى أن تكون الميم أصلا فى هذا أيضا ؛ وذلك لقول الله سبحانه : (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ) [فاطر : ١٢] أى ذاهبة (وجائية) ، وهذا أمر قد يشاركها فيه السحائب ؛ ألا ترى إلى قول الهذلىّ :
__________________
٢ / ٩١) ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٤٤١ ، وسمط اللآلى ص ٧٢٨ ، وتاج العروس (دهنج) ، (أول) ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ١١٣٦ ، ١٢١١ ، وتهذيب اللغة ٦ / ٥١١ ، وكتاب العين ٤ / ١١٦ ، ومقاييس اللغة ١ / ٦١.
(١) البيت من المتقارب ، وهو للفرزدق فى ديوانه ١ / ١٧٥ ، ولسان العرب (دهنج) ، والتنبيه والإيضاح ١ / ٢٠٦ ، ٢ / ١٥ ، وتاج العروس (دهمج) ، (كدد) وبلا نسبة فى لسان العرب (دهمج) ، (كدد) ، والمخصص ١٣ / ٢٨٤.
(٢) البيت من الرمل ، وهو لطرفة فى ديوانه ص ٥٣ ، ولسان العرب (عسلج) ، (خضر) ، (مخر) ، (حبط) ، وتهذيب اللغة ٣ / ٣١٢ ، ٤ / ٣٩٦ ، ٥ / ٤٠ ، ٧ / ١٠٠ ، وكتاب العين ٢ / ٣١٥ ، وتاج العروس (خضر).