فعلى هذه اللغة يكون قوله :
* فمطلت بعضا ، وأدّت بعضن*
إنما نونه نون الإنشاد لا نون الصّرف ؛ ألا ترى أن صاحب هذه اللغة إنما يقف على حرف الإعراب ساكنا ، فيقول : رأيت زيد ، كالمرفوع والمجرور. هذا هو الظاهر من الأمر.
فإن قلت : فهل تجيز أن يكون قوله : وأدّت بعضا ، تنوينه تنوين الصرف ، لا تنوين الإنشاد ، إلا أنه على إجراء الوقف مجرى الوصل ؛ كقوله :
* بل جوز تيهاء كظهر الحجفت*
فإن هذا وإن كان ضربا من ضروب المطالبة فإنه يبعد ؛ وذلك أنه لم يمرر بنا عن أحد من العرب أنه يقف فى غير الإنشاد على تنوين الصرف ، فيقول فى غير قافية الشعر : رأيت جعفرن ، ولا كلّمت سعيدن ، فيقف بالنون. فإذا لم يجئ مثله قبح حمله عليه. فوجب حمل قوله : وأدّت بعضن على أنه تنوين الإنشاد على ما تقدّم ، من قوله :
* ولا تبقى خمور الأندرينا (١) *
و: * أقلّى اللوم عاذل والعتابن (٢) *
و: * ما هاج أحزانا وشجوا قد شجن*
ولم تحضرنا هذه المسألة فى وقت علمنا الكتاب «المعرب» فى تفسير قوافى أبى الحسن ، فنودعها إيّاه ، فلتلحق هذه المسألة به بإذن الله. فإذا مرّ بك فى الحروف ما هذه سبيله ، فأضفه إليه.
ومن ذلك الحركات.
هذه الحال موجودة فى الحركات وجدانها فى الحروف. وذلك كامرأة سمّيتها
__________________
(١) عجز بيت من الوافر ، وهو لعمرو بن كلثوم فى ديوانه ص ٦٤ ، وتهذيب اللغة ١٤ / ١٢٢ ، وتاج العروس (مدر) ، وخزانة الأدب ٣ / ١٧٨ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٥١ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ١١٩ ، ولسان العرب (مدر) ، (ندر) ، (صحن).
(٢) سبق تخريجه.