فتقول فى القافية : رأيت سعادا ، فأنت فى هذه النون مخيّر : إن شئت اعتقدت أنها نون الصرف ، وأنك صرفت الاسم ضرورة ، أو على لغة من صرف جميع ما لا ينصرف (١) ، كقول الله تعالى : (سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً) [الإنسان : ٤] وإن شئت جعلت هذه النون فى سعادا نون الإنشاد كقوله.
داينت أروى والديون تقضن |
|
فمطلت بعضا وأدّت بعضن |
وكذلك أيضا تكون النون التى فى قوله : وأدّت بعضن ، هى اللاحقة للإنشاد ؛ كقوله :
* يا أبتا علّك أو عساكن (٢) *
ولكن إنما يفعل ذلك فى لغة من وقف على المنصوب بلا ألف ؛ كقول الأعشى :
* وآخذ من كل حىّ عصم (٣) *
وكما رويناه عن قطرب من قول آخر :
شئز جنبى كأنّى مهدأ |
|
جعل القين على الدّفّ إبر (٤) |
وعليه قال أهل هذه اللغة فى الوقف : رأيت فرح. ولم يحك سيبويه هذه اللغة ، لكن حكاها الجماعة : أبو الحسن ، وأبو عبيدة ، وقطرب ، وأكثر الكوفيّين.
__________________
(١) هذه لغة حكاها ثعلب على ما فى الأشمونى والتصريح فى أواخر باب ما لا ينصرف. وحكاها الأخفش على ما فى الهمع ١ / ٣٧ ، وانظر البحر لأبى حيان ٨ / ٣٩٤.
(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب ١٤ / ٣٤٩ (روى).
(٣) عجز بيت من المتقارب ، وهو للأعشى فى ديوانه ص ٨٧ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٤٧٧ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٩١ ، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ٣٥ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٢٧٢ ، ٢٧٥ ، ٢٧٩ ، وشرح المفصل ٩ / ٧٠ ، ولسان العرب (رأف).
(٤) البيت من الرمل ، وهو لعدى بن زيد فى ديوانه ص ٥٩ ، وإصلاح المنطق ص ١٥٦ ، ولسان العرب (هدأ) ، ورصف المبانى ص ٣٥ ، وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٤٧٧ ، ٦٧٦ ، وشرح المفصل ٩ / ٦٩ ، والمقرب ٢ / ٢٥. شئز : قلق ، يقال : شئز الرجل إذا قلق من هم أو مرض وأصل الشأز : الغلظة ، ومهدأ من أهدأ الصبى إذا علله لينام ، والدّف : الجنب ، والقين : وهو الحداد.