إذا تقوم يضوع المسك أصورة |
|
والعنبر الورد من أردانها شمل (١) |
فقيل له : (صوار) لأنه (فعال) من صاره يصوره إذا عطفه وثناه ؛ قال الله سبحانه (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) [البقرة : ٢٦٠] وإنما قيل له ذلك لأنه يجذب حاسّة من يشمّه إليه ، وليس من خبائث الأرواح فيعرض عنه ، وينحرف إلى شقّ غيره ؛ ألا ترى إلى قوله :
ولو أنّ ركبا يمّموك لقادهم |
|
نسيمك حتى يستدلّ بك الركب |
وكذا تجد أيضا معنى المسك. وذلك أنه (فعل) من أمسكت الشىء ، كأنه لطيب رائحته يمسك الحاسّة عليه ، ولا يعدل بها صاحبها عنه. ومنه عندى قولهم للجلد : (المسك) هو فعل من هذا الموضع ، ألا ترى أنه يمسك ما تحته من جسم الإنسان وغيره من الحيوان. ولو لا الجلد لم يتماسك ما فى الجسم : من اللحم ، والشحم والدم وبقيّة الأمشاج وغيرها.
فقولهم إذا : مسك يلاقى معناه معنى الصّوار ، وإن كانا من أصلين مختلفين ، وبناءين متباينين : أحدهما (م س ك) والآخر (ص ور) كما أن الخليقة من (خ ل ق) والسجيّة من (س ج و) والطبيعة من (ط ب ع) والنحيتة من (ن ح ت) والغريزة من (غ ر ز) والسليقة من (س ل ق) والضريبة من (ض ر ب) والسجيحة من (س ج ح) والسرجوجة والسرجيجة من (س ر ج) والنجار من (ن ج ر) والمرن من (م ر ن). فالأصول مختلفة ، والأمثلة متعادية (٢) ، والمعانى مع ذينك متلاقية.
ومن ذلك قولهم : صبىّ وصبيّة ، وطفل وطفلة ، وغلام وجارية ؛ وكله للّين والانجذاب وترك الشدّة والاعتياص. وذلك أن صبيا من صبوت إلى الشىء إذا ملت إليه ولم تستعصم دونه. وكذلك الطّفل : هو من لفظ طفّلت الشمس للغروب
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو للأعشى فى ديوانه ص ١٠٥ ، ولسان العرب (صور) ، والمخصص ١٧ / ٢٥ ، وتاج العروس (بلد) ، (صور) ، وبلا نسبة فى كتاب العين ٧ / ١٥١. أردانها : الأكمام للثوب.
(٢) متعادية : أى متباينة من قولهم : تعادى ما بين القوم : تباعد ، أو من قولهم تعادى المكان : تفاوت ولم يستو.