لكن بقى علينا (أن نحضر هنا) مما يتّصل به أحرفا ، تؤنّس بالأوّل ، وتشجّع منه المتأمّل.
فمن ذلك تقليب (ج ب ر) فهى ـ أين وقعت ـ للقوّة والشدّة. منها (جبرت العظم ، والفقير) إذا قوّيتهما وشددت منهما ، والجبر : الملك لقوّته وتقويته لغيره.
ومنها (رجل مجرّب) إذا جرّسته الأمور ونجّذته ، فقويت منّته ، واشتدّت شكيمته.
ومنه الجراب لأنه يحفظ ما فيه ، وإذا حفظ الشىء وروعى اشتدّ وقوى ، وإذا أغفل وأهمل تساقط ورذى (١). ومنها (الأبجر والبجرة) وهو القوىّ السرّة. ومنه قول علىّ صلوات الله عليه : إلى الله أشكو عجرى وبجرى ، تأويله : همومى وأحزانى ، وطريقه أن العجرة كلّ عقدة فى الجسد ؛ فإذا كانت فى البطن والسرّة فهى البجرة [والبجرة] تأويله أنّ السرّة غلظت ونتأت فاشتدّ مسّها وأمرها. وفسّر أيضا قوله : عجرى وبجرى ، أى ما أبدى وأخفى من أحوالى. و (منه البرج لقوته فى نفسه وقوة ما يليه) به ، وكذلك البرج لنقاء بياض العين وصفاء سوادها ، هو قوّة أمرها ، وأنه ليس بلون مستضعف ، ومنها رجّبت الرجل إذا عظّمته وقوّيت أمره. ومنه رجب لتعظيمهم إيّاه عن القتال فيه ، وإذا كرمت النخلة على أهلها فمالت دعموها بالرجبة ، وهى شيء تسند إليه لتقوى به. والراجبة : أحد فصوص الأصابع ، وهى مقوّية لها. ومنها الرباجىّ وهو الرجل يفخر بأكثر من فعله ؛ قال :
* وتلقاه رباجيّا فخورا (٢) *
تأويله أنه يعظّم نفسه ، ويقوّى أمره.
ومن ذلك تراكيب (ق س و) (ق وس) (وق س) (وس ق) (س وق) وأهمل (س ق و) وجميع ذلك إلى القوّة والاجتماع. منها (القسوة) وهى شدّة القلب واجتماعه ؛ ألا ترى إلى قوله :
يا ليت شعرى ـ والمنى لا تنفع ـ |
|
هل أغدون يوما وأمرى مجمع (٣) |
__________________
(١) رذى : أثقله المرض.
(٢) أورده فى الجمهرة ١ / ٢٠٩ غير معزوّ.
(٣) الرجز بلا نسبة فى إصلاح المنطق ص ٢٦٣ ، وأمالى المرتضى ١ / ٥٥٩ ، والدرر ٤ / ٢٠ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨١١ ، ولسان العرب (جمع) ، (رمى) ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٨٨ ، ونوادر أبى زيد ، وهمع الهوامع ، وتاج العروس (جمع) ، وتهذيب اللغة ١ / ٣٩٦.