أى قوىّ مجتمع ، ومنها (القوس) لشدّتها ، واجتماع طرفيها. ومنها (الوقس) لابتداء الجرب ، وذلك لأنه يجمع الجلد ويقحله ، ومنها (الوسق) للحمل ؛ وذلك لاجتماعه وشدّته ، ومنه استوسق الأمر أى اجتمع (وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) [الانشقاق : ١٧] أى جمع ، ومنها (السّوق) ، وذلك لأنه استحثاث وجمع للمسوق بعضه إلى بعض ؛ وعليه قال :
* مستوسقات لو يجدن سائقا (١) *
فهذا كقولك : مجتمعات لو يجدن جامعا.
فإن شدّ شيء من شعب هذه الأصول عن عقده ظاهرا ردّ بالتأويل إليه ، وعطف بالملاطفة عليه. بل إذا كان هذا قد يعرض فى الأصل الواحد حتى يحتاج فيه إلى ما قلناه ، كان فيما انتشرت أصوله بالتقديم والتأخير أولى باحتماله ، وأجدر بالتأوّل له.
ومن ذلك تقليب (س م ل) (س ل م) (م س ل) (م ل س) (ل م س) (ل س م) والمعنى الجامع لها المشتمل عليها الإصحاب والملاينة. ومنها الثوب (السّمل) وهو الخلق. وذلك لأنه ليس عليه من الوبر والزئبر ما على الجديد. فاليد إذا مرّت عليه للّمس لم يستوقفها عنه جدّة المنسج ، ولا خشنة الملمس. والسمل : الماء القليل ؛ كأنه شيء قد أخلق وضعف عن قوّة المضطرب ، وجمّة المرتكض ؛ ولذلك قال :
حوضا كأنّ ماءه إذا عسل |
|
من آخر الليل رويزيّ سمل (٢) |
وقال آخر :
ورّاد أسمال المياه السدم |
|
فى أخريات الغبش المغمّ (٣) |
__________________
(١) الرجز للعجاج فى ملحق ديوانه ٢ / ٣٠٧ ، وتاج العروس (وسق) ، ولسان العرب (وسق) ، وبلا نسبة فى تهذيب اللغة ٩ / ٢٣٥ ، وديوان الأدب ٣ / ٢٨٣ ، ولسان العرب (وسق).
(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (غضض) ، (عسل) ، وتاج العروس (غضض) ، وجمهرة اللغة ص ١٢٦٠ ، وكتاب العين ١ / ٣٣٣ ، والمخصص ٤ / ٩٣ ، ومقاييس اللغة ٤ / ٣١٤ ، وأساس البلاغة (عسل) ، وتاج العروس (عسل).
(٣) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (سدم) ، (غمم) ، وتاج العروس (سدم) ، (غمم). ـ السدم : المندفنة الغائرة. والغبش : الظلمة إذ يقبل الصباح. والمغم ذو الغيم أو الذى يضيق الأنفاس من شدة الحر.