وهو كثير جدّا.
ولسنا نريد هاهنا الجوار الصناعىّ ؛ نحو قولهم فى الوقف : هذا بكر ، ومررت ببكر ، وقولهم : صيّم وقيّم (١) ، وقول جرير :
* لحبّ المؤقدان إلىّ مؤسى (٢) *
وقولهم : هذا مصباح ، ومقلات ، ومطعان ، وقوله :
إذا اجتمعوا علىّ وأشقذونى |
|
فصرت كأننى فرأ متار (٣) |
وما جرى مجرى ذلك. وإنما اعتزامنا هنا الجوار المعنوىّ لا اللفظىّ الصناعىّ.
ومن ذلك قول سيبويه فى نحو قولهم : هذا الحسن الوجه : إن الجرّ فيه من وجهين ، أحدهما طريق الإضافة ، والآخر تشبيهه بالضارب الرجل ، هذا مع العلم بأن الجرّ فى الضارب الرجل إنما جاءه وجاز فيه لتشبيههم إياه بالحسن الوجه ، فعاد
__________________
(١) صيّم : القياس صوّم ، ولكن العين لمجاورتها اللام اكتسبت الإعلال ؛ فإن الواو إذا وقعت لاما تقلب ياء فى الجمع ؛ نحو جثىّ وعصىّ.
(٢) صدر بيت من الوافر ، وهو لجرير فى ديوانه ص ٢٨٨ ، والأشباه والنظائر ٢ / ١٢ ، ٨ / ٧٤ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٢٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٦٢ ، والمحتسب ١ / ٤٧ ، وبلا نسبة فى سر صناعة الإعراب ١ / ٧٩ ، وشرح شافية ابن الحاجب ص ٢٠٦ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٦٨٤ ، والمقرب ٢ / ١٦٣ ، والممتع فى التصريف ١ / ٩١ ، ٣٤٢ ، ٢ / ٥٦٥. وعجزه :
* وجعدة إذ إضاءهما الوقود*
«الموقدان» و «موسى» : أثر الجوار فى البيت إبدال الواو همزة لمجاورتها للضمة قبلها ، فكأنها مضمومة ، والهمز يجوز فى الواو المضمومة ؛ نحو أجوه فى وجوه ـ انظر المغنى ، فى القاعدة الثانية من الباب الثامن.
(٣) البيت من الوافر ، وهو لعامر بن كثير المحاربى فى التنبيه والإيضاح ٢ / ٦٩ ، ولسان العرب (شقذ) ، وبلا نسبة فى لسان العرب (تأر) ، (تور) ، وجمهرة اللغة ص ١٠٣١ ، ١٠٦٧ ، ١١٠٦ ، ومقاييس اللغة ٣ / ٢٠٣ ، وتهذيب اللغة ٨ / ٣١٢ ، ١٤ / ٣٠٩ ، والمخصص ١ / ١١٦ ، ١٥ / ١٤٤ ، وديوان الأدب ٢ / ٢٩٤ ، ومجمل اللغة ٣ / ٣٣٩ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٧٨.
ويروى :
* إذا غضبوا بدلا من إذا اجتمعوا*
أشقذونى : طردونى. والفرأ : حمار الوحش. ومتار : أصله متأر ، اسم مفعول من أتأره : أفزعه وطرده ؛ فنقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها ، وكان الواجب بعد هذا حذف الهمزة فيقال : متر ، ولكنه قدّر فى الكلمة همزة ساكنة ، وأبدلها ألفا للجوار. انظر اللسان (شقذ) ، (تأر).