الأصل فاستعاد من الفرع نفس الحكم الذى كان الأصل بدأ أعطاه إياه ، حتى دلّ ذلك على تمكّن الفروع وعلوّها فى التقدير. وقد ذكرنا ذلك. ونظيره فى المعنى قول ذى الرمّة :
ورمل كأوراك العذارى قطعته |
|
إذا ألبسته المظلمات الحنادس (١) |
وإنما المعتاد فى نحو هذا تشبيه أعجاز النساء بكثبان الأنقاء. وقد تقدّم ذكر هذا المعنى فى باب قبل هذا لاتّصاله به. ومنه قول الآخر :
وقرّبوا كلّ جمالىّ عضه |
|
قريبة ندوته من محمضه (٢) |
وقد ذكرنا حاله ، وشرحنا الغرض فيه فى باب متقدّم ، فلا وجه لإعادته هاهنا.
وسبب تمكّن هذه الفروع عندى أنها فى حال استعمالها على فرعيّتها تأتى مأتى الأصل الحقيقىّ لا الفرع التشبيهيّ ، وذلك قولهم : أنت الأسد ، وكفّك البحر ؛ فهذا لفظه لفظ الحقيقة ، ومعناه المجاز والاتساع ؛ ألا ترى أنه إنما يريد : أنت كالأسد ، وكفّك مثل البحر. وعليه جاء قوله :
* ليلى قضيب تحته كثيب (٣) *
وإنما يريد : نصف ليلى الأعلى كالقضيب ، وتحته ردف مثل الكثيب ، وقول طرفة :
جازت القوم إلى أرحلنا |
|
آخر الليل بيعفور خدر (٤) |
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص ١١٣١ ، ولسان العرب (ورك) ، (جمل) ، وتاج العروس (ورك).
(٢) الرجز لهميان بن قحافة فى لسان العرب (بيض) ، (حمض) ، (نهض) ، (سنف) ، (جمل) ، (عضه) ، (ندى) ، وتاج العروس (حمض) ، (نهض) ، وبلا نسبة فى تهذيب اللغة ٤ / ٢٢٢ ، ١٤ / ١٨٩ ، وجمهرة اللغة ص ٥٤٧ ، والمخصص ٧ / ٥٠ ، ٦٠ ، ٩٩ ، ١١ / ١٧٦ ، وكتاب الجيم ٢ / ٣٠٤ ، وكتاب العين ١ / ٩٩ ، ٨ / ٧٦ ، وديوان الأدب ٢ / ٢٥٤. وبعده :
* أبقى السناف أثرا بأنهضه*
(٣) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (قلد) ، وتاج العروس (قلد). وبعده :
* وفى القلاد رشأ ربيب*
(٤) البيت من الرمل ، وهو لطرفة بن العبد فى ديوانه ص ٥٠ ، ولسان العرب (خدر) ، (عفر) ، ـ (رحل) ، وتهذيب اللغة ٧ / ٢٦٥ ، ومقاييس اللغة ٢ / ١٦٠ ، ٤ / ٣٧٢ ، ومجمل اللغة ٢ / ١٦٣ ، وديوان الأدب ٢ / ٢٣٢ ، وكتاب العين ٢ / ٣٤٢. اليعفور : ظبى تعلوه حمرة. والخدر : الفاتر العظام البطيء عند القيام.