(الخامس) «ل و ق» جاء فى الحديث «لا آكل من الطعام إلا ما لوّق لى» (١) أى ما خدم وأعملت اليد فى تحريكه ، وتلبيقه (٢) ، حتى يطمئن وتتضامّ جهاته. ومنه اللّوقة للزبدة ، وذلك لخفّتها وإسراع حركتها ، وأنها ليست لها مسكة الجبن ، وثقل المصل ونحوهما. وتوهم قوم أن الألوقة ـ لما كانت هى اللوقة فى المعنى ، وتقاربت حروفهما ـ من لفظها (٣) ، وذلك باطل ؛ لأنه لو كانت من هذا اللفظ لوجب تصحيح عينها ؛ إذ كانت الزيادة فى أوّلها من زيادة الفعل ، والمثال مثاله ، فكان يجب على هذا أن تكون ألوقة كما قالوا فى أثوب وأسوق وأعين وأنيب بالصحة ، ليفرق بذلك بين الاسم والفعل ، وهذا واضح (٤). وإنما الألوقة فعولة من تألق البرق إذا لمع وبرق واضطرب ، وذلك لبريق الزبدة واضطرابها.
(السادس) «ل ق و» منه اللّقوة للعقاب ، قيل لها ذلك لخفّتها وسرعة طيرانها ؛ قال :
كأنى بفتخاء الجناحين لقوة |
|
دفوف من العقبان طأطأت شملال (٥) |
__________________
(١) الحديث ذكره أبو عبيد فى «غريب الحديث» ، (٢ / ٢٤٥) ، عن عبادة من قوله ، وفيه : «ألا ترون أنى لا أقوم إلا رفدا ، ولا آكل إلا ما لوق لى ...».
(٢) لبّق الزبد : إذا خلطه بالسمن ولينه : (نجار).
(٣) «من لفظها» : خبر «أنّ» ، يعنى : أن الألوقة : من لفظ اللوقة.
(٤) يعنى : ليفرق بذلك بين الاسم بتصحيح عينه ، والفعل بإعلال عينه.
(٥) البيت من الطويل ، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص ٣٨ ، ولسان العرب (دفف) (شمل) ، وتهذيب اللغة ٧ / ٣٠٨ ، ١١ / ٣٧٢ ، وجمهرة اللغة ص ٢٢٧ ، وتاج العروس (دفف) ، وكتاب الجيم ٣ / ٢١٨ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (فتخ) ، وتاج العروس (فتخ) ، والمخصص ٧ / ١٢٥.
والبيت من قصيدته اللامية التى مطلعها :
ألا عم صباحا أيها الطلل البالى |
|
وهل يعمن من كان فى العصر الخالى |
ويروى :
................................ |
|
صيود من العقبان طأطأت شملال |
وفتخاء الجناحين : لينتهما واللقوة : السريعة من العقبان ، ودفوف : أى : تدنو من الأرض فى طيرانها ، ومعنى : طأطأت : دانيت وخفّضت ، الشملال : الخفيفة السريعة ، يقول : كأنى ـ بطأطأتى هذه الفرس ـ طأطأت عقابا ليّنة الجناحين منتفختهما عند الطيران فى سهولة وتأنّ. ديوان امرئ القيس (ص ٣٨).