يكون أيضا أفعل منه. فإذا كان أفعل فأمره ظاهر ، وإن سميت به لم تصرفه معرفة ، وإن كان فوعلا فأصله وولق ، فلما التقت الواوان فى أوّل الكلمة أبدلت الأولى همزة ؛ لاستثقالها أوّلا ، كقولك فى تحقير واصل : أويصل (١). ولو سميت بأولق على هذا لصرفته. والذى حملته الجماعة عليه أنه فوعل من تألّق البرق ، إذا خفق ، وذلك لأن الخفوق مما يصحبه الانزعاج والاضطراب. على أن أبا إسحاق (٢) قد كان يجيز فيه أن يكون أفعل ، من ولق يلق. والوجه فيه ما عليه الكافّة (٣) : من كونه فوعلا من «أل ق» وهو قولهم «ألق الرجل فهو مألوق» ألا ترى إلى إنشاد أبى زيد فيه :
تراقب عيناها القطيع كأنما |
|
يخالطها من مسه مس أولق (٤) |
وقد قالوا منه (٥) : ناقة مسعورة أى مجنونة ، وقيل فى قول الله سبحانه : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) [القمر : ٤٧] إن السّعر هو الجنون (٦) ، وشاهد هذا القول قول القطامىّ :
يتبعن سامية العينين تحسبها |
|
مسعورة أو ترى ما لا ترى الإبل (٧) |
__________________
ـ وفى تهذيب اللسان (ولق): «الأولق : الجنون ، وقيل : الخفة من النشاط ؛ كالجنون». فقد ذكرت كلمة «الأولق» فى مادتين (ألق) ، (ولق).
(١) يعنى : تقول فى تصغير واصل : أويصل ، على «فعيعل» والأصل : وويصل ، قلبت الواو الأولى همزة.
(٢) يريد أبا إسحاق ، وكانت وفاته سنة ٣١٠ ه.
(٣) قوله : «الكافّة» استعمل كافّة على غير ما عرف عند غيره من ملازمتها التنكير والتأخير ، والنصب على الحالية ، ولعلّه سبق بهذا ؛ فليس هو فى هذا ببدع ، وقد تابعه كثير من اللاحقين ؛ كما تراه فى عبارات المصنفين بعده.
(٤) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (ولق) ، وجمهرة اللغة ص ١٠٩.
(٥) يعنى : قد قالوا من معنى البيت : ناقة مسعورة ، أى : مجنونة ، وهو وصف للناقة بـ «الأولق» الذى هو الجنون.
(٦) ويرى غيره أن «سعرا» جمع سعير ، للنار.
(٧) «مسعورة» روى مجنونة ، وسامية العينين : رافعتهما ، أو ترى ما لا ترى الإبل فهى تفزع منه لنشاطها. يصف ناقة يتبعها الإبل فى السير ، وهو فى لاميته :
* إنا محبوك فاسلم أيها الطلل*
(نجار).