قال : الختم هو الطبع على قلوب الكفار ، عقوبة على كفرهم. كما قال ـ عز وجل (١) ـ : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) (٢).
و (عَلى سَمْعِهِمْ) ، يحتمل أن يكون معطوفا على قلوبهم ومعطوفا عليه «لعلى أبصارهم». ورجح الأول ، بقوله (٣) : (وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ. وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) ، وبالوقف «على سمعهم» اتفاقا. ولأنهما لما كان ادراكهما من جميع الجوانب ، جعل المانع عنه ، بما يكون كذلك لظهور «أن الغشاء» (٤) يكون بين المرئي والرائي.
وكرر الجار ، للدلالة على أن الختم يتعلق بكل واحد منهما ، بالاستقلال.
فيكون أشد. ولأن تعلق فعل بمجموع أمرين ، لا يستلزم تعلقه بكل واحد.
وافراد «السمع» ، للأمن من اللبس مع الخفة والتفنن. أو لأنه في الأصل مصدر. وهو لا يجمع. أو على تقدير مضاف ، أي : مواضع سمع. أو لرعاية المناسبة بين المدرك والمدرك. فان مدرك السمع ، واحد. وهو الصوت. ومدركاتهما أنواع.
وقرئ : «وعلى أسماعهم».
ووجه الترتيب ، أنه تعالى لما ذكر هذه الطائفة ، أولا بالكفر ، وثانيا باستواء الانذار وعدمه عليهم ، فالختم على قلوبهم ، ناظر الى كفرهم. لأن الكفر والايمان من صفات القلب. والختم على سمعهم ، ناظر الى ذلك الاستواء. لان محل ورود الإنذارات ، ليس الا السمع. ولما حكم عليهما بالختم فصار مكان أن يقال علمنا
__________________
(١) النساء / ١٥٥.
(٢) ليس في أ.
(٣) الجاثية / ٢٣.
(٤) أ : الفناء.