وتجدده وقتا بعد وقت.
أما افادته الحدوث ، فلكونه فعلا. وأما افادة تجدده وقتا بعد وقت ، فلأن المضارع لما كان دالّا على الزمان المستقبل الذي يحدث شيئا بعد شيء ، على الاستمرار ، ناسب (١) أن يقصد به ، إذا وقع موقع غيره أن معنى مصدره المقارن لذلك الزمان ، يحدث مستمرا استمرارا تجدديا لا ثبوتيا. كما في الجملة الاسمية.
وانما أفيد ذلك ، ليكون على طبق نكايات الله فيهم وبلاياه النازلة. أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين؟
(وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)) : من مدّ الجيش وأمدّه ، إذا زاده وقوّاه. ومددت السراج والأرض ، إذا استصلحتهما ، بالزيت والسماد. ومنه مدّ الدوات وأمدّها ، إذا أراد أن يصلحها. لا من مد العمر ، بمعنى الاملاء والامهال.
فانه يعدى باللام ، كأملى له. والحذف والإيصال ، خلاف الأصل. فلا يصار اليه الا بدليل. ويؤيده قراءة ابن كثير. ويمدهم ـ بضم الياء ـ من الامداد ، بمعنى إعطاء المدد. وليس من المد في العمر والامهال في شيء.
والأصل في الطغيان ـ بالضم والكسر ، كلقيان ولقيان ـ تجاوز الشيء عن مكانه.
والمراد ، تجاوز الحد في الكفر والغلوّ في العصيان. والمراد ، زيادة طغيانهم ، بسبب تمكين الشيطان ، من اغوائهم.
أو أنه لما منعهم ألطافه التي يمنحها المؤمنين وخذلهم بسبب كفرهم وإصرارهم وسدهم (٢) طرق التوفيق ، على أنفسهم ، فتزايدت بسببه قلوبهم رينا وظلمة ، تزايد قلوب المؤمنين ، انشراحا ونورا.
فاسناد الفعل الى الله ، اسناد الى المسبب. واضافة الطغيان اليهم ، لئلا يتوهم
__________________
(١) أ : ناصب.
(٢) ر : صدهم.