المضارع الواقع حالا ، خلوه عن حرف الاستقبال ، كالسين ولن ونحوهما. وذلك لأن الحال الذي نحن في بابه والحال الذي يدل عليه المضارع وان تباينا حقيقة لأن في قولك ـ مثلا ـ : اضرب زيدا غدا يركب ، لفظ يركب حال ، بأحد المعنيين ، غير حال ، بالآخر. لأنه ليس في زمان التكلم. لكنهم التزموا تجريد صدر هذه الجملة ، أي : المصدرة بالمضارع ، عن علم الاستقبال ، لتناقض الحال والاستقبال ، في الظاهر. وان لم يكن التناقض ، هنا ، حقيقيا. ولمثله التزموا لفظة «قد» ، اما ظاهرة ، أو مقدرة ، في الماضي. إذا كان حالا. مع أن حاليته ، بالنظر الى عامله. ولفظه «قد» ، تقرب الماضي ، من حال التكلم ـ فقط ـ وذلك لأنه كان يتنافى في الظاهر ، لفظ الماضي والحالية. فقالوا : جاء زيد العام الأول ، وقد ركب المجيء بلفظة «قد» ، هنا ، الظاهر الحالية. كما أن التجريد ، عن حرف الاستقبال ، في المضارع ، لذلك ـ انتهى ـ.
والعلامة التفتزاني ، اقتفى اثره في المطوّل. والمحقق الشريف ، في حاشية المطوّل ، رد عليه. وقال : وهذا الوجه ، وان كان منقولا في الموضعين ، عن كلام الرضي ، لكنه غير مرضي كما ترى. والصواب أن يقال : ان الأفعال ، إذا وقعت قيودا ، لما له اختصاص بأحد الأزمنة ، فهم منها ، استقباليتها وحاليتها. وماضويتها بالقياس الى ذلك المقيد. لا الى زمان التكلم. كما في معانيها الحقيقية. وليس ذلك بمستبعد ـ انتهى ـ.
وابن هشام ، في مغني اللبيب (١) ، في تمييز الجمل المعترضة عن الحالية ، صرح بأن المصدر بحروف الاستقبال ، اعتراضية ، وشنع على من جعلها حالية ، لكن لم ينقل الوجه ، هنا.
__________________
(١) مغنى اللبيب ، ٢ / ٣٩٨.