فيتعجل بقبول أي ومضة نور تخلّصه من حالة الشك ، فاذا به يعتقد بأول فرضيه تطرء على ذهنه أو تبرق أمام عينه ، ولكن وجود الفرضيات الباطلة عند الفرد ليس عيبا ، انما العيب هو أن يستمر عليها بعد أن تثبت عنده أنها باطلة ، وإبراهيم عليه السلام كانت له هذه الشجاعة أن يكفر بأفكاره السابقة.
الفطرة هي الدليل :
ان الفرضيات الباطلة قد يكون بطلانها واضح بدرجة أن ردها لا يحتاج الى دليل ، بل يكفي أن تراجع فطرتك لتوضح لك بطلانها ، لذلك قال إبراهيم عليه السلام بعد أن افل الكوكب أني لا أحبه.
(فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ)
الحب هو الفطرة النقية قبل أن يصبح فكرة مستدلة متكاملة ، وحين تكون علاقة البشر بربه علاقة الحب ، حيث يحبّ البشر ربه بصورة طبيعية. ما دام ربه سبحانه قد أغذق عليه نعمة ظاهرة وباطنة فيكون عدم وجود هذا الحب بالنسبة الى الكوكب دليلا على أنه ليس بآلهة حتما! لان الله ينعم على البشر ليلا نهارا ، أما الكوكب فانه يأفل نهارا.
ومن المعلوم ان بعض الناس لا يزالون يعبدون النجوم ، ويزعمون انها ذات أثر فعال في مصير الإنسان ، وقد كان عمل إبراهيم ردا صارخا لمثل هؤلاء الذين كانوا موجودين آنئذ.
[٧٧] وانتظر إبراهيم على مضض من شكه ، وتوتر من قلبه ، ثم انتظر هذه المرة فترة أطول حتى بزغ القمر ، وأعجبه ذلك النور الهادىء الذي ينساب على الطبيعة بعفوية وسخاء. فقال : هذا ربي.