(فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي)
وربما كان بزوغ القمر هو السبب في عدم رفضه للقمر ، وقد يكون تعلق إبراهيم ظاهرا بالقمر رمزا للفرضية الباطلة التي هي ليست إلّا مجرد ضغط حالة الشك ، وعذاب الفراغ الفكري.
(فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ)
بعد فشله الثاني في فهم الحقيقة قلّل إبراهيم (ع) من ثقته المطلقة بفكره ، وتوكل على الله ، ذلك أن هذه الثقة مفيدة في مرحلة الشك ، ورفض الأفكار التي يريد الآخرون فرضها عليه. أما بعدئذ فقد يكون لها مردود سلبي.
بك عرفتك :
اما كيف أدرك إبراهيم عليه السلام أن القوة التي يجب انتظار دعمها للإنسان وهو يبحث عن الحقيقة هي قوة الله ، وهذه قضية هامة؟
ان فطرة الإنسان تهديه الى وجود سنن ونظم في هذا الكون المهيب ، وأن الطبيعة تسير وفق نظام. الشمس والقمر والنجوم كلها تسير وفق خطة مرسومة. من الذي يهدي الشمس الى مسيرتها ، والقمر الى فلكه ، والنجوم الى مراسيها؟ انه الله. انه خالقها ، إذا فعلينا نحن أيضا ان نبحث عن الهدى هنالك عند الله ، لا سيما في موضوع الإله. إذ قد يكون (وهذا واقع فعلا) البشر عاجزا عن معرفة ربه ، ولكن ربه سبحانه ليس بعاجز عن تعريف ذاته له.
ومن جهة اخرى : حين تكرر تجربة الإنسان الفاشلة في الوصول الى الحقيقة ، تعتريه حالة اليأس ويقول : أنا أقل من أن أعرف الحقيقة ، فلما ذا البحث؟!