وشمل تحريم ربنا الاستثنائي على بني إسرائيل شحوم البقر والغنم ، الا تلك الشحوم المتراكمة على ظهورها ، أو الموجودة على مقاعدها ، أو تلك الشحوم المختلطة بعظم.
(وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ)
والسؤال : لماذا حرم الله كل تلك الطيبات عليهم؟
يجيب ربنا : ان بني إسرائيل ظلموا وبغى بعضهم على بعض ، فحرم الله عليهم بعضا من الطيبات ، ويبقى سؤال : لماذا يتسبب البغي في الحرمة؟
والجواب : ان السنن التي نسميها بالانظمة الطبيعية لا تختلف عن الأحكام التشريعة الا في شيء واحد هو أن تلك يجريها ربنا على الكون وعلى البشر قهرا ودون أي تغيير وتبديل ، بينما الأحكام الشرعية. يأمر بها الناس ، ويحذرهم من عاقبة تركها ، لذلك فان هاتين السنّتين الطبيعية والتشريعية تلتقيان في الخطوط العامة ، لأنهما تصدران من منبع واحد ، وبما أن النهاية الطبيعية للبغي في المجتمع هو انحسار النعم عنه وتضييق الخناق عن أبنائه ، فان ذات النهاية يحكم بها الله سبحانه على مجتمع البغي ، وذلك بتحريم طائفة من الطيبات عليه.
(ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ)
ذو الرحمة والبأس :
[١٤٧] ان كل واحد من البشر يتصور الله على شاكلته وحسب مشتهياته ، كما يتخذون ذات الصورة لسائر الحقائق ، والمذنبون من الناس يضخمون في أنفسهم صفة الرحمة والعفو لله دون أن يتذكروا صفات الغضب والبأس والعقاب له سبحانه ،