الثاني : أن تلك القدرة المهيمنة على الكون هي التي تخرج الموتى من الأرض وتبعثهم للحساب.
(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ)
فالرياح لا تأتي عفويا ، بل يرسلها الله إرسالا ، والدليل هو هدفية الظواهر ، فالرياح تهدف البشارة برحمة قادمة ، والبشارة هدف لا يمكن تحقيقه عبثا ، ومن دون خطة حكيمة وفعل منظم.
(حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ)
إن كل ذلك يتم بإرادة الله وحسن تدبيره ، ولولا ذلك لم تكن الصدفة قادرة على تحقيق هذه الأهداف ، إذ أن الهدف هو البشارة بالرحمة ، وإحياء البلد الميت ، وإخراج الثمرات ، ولا يمكن تحقيق ذلك بمجرد تحرك السحاب ، بل بمجموعة عوامل متفاعلة ومتزامنة كأن تكون الأرض مستعدة ، والطقس مناسبا ، والأمن مستتبا ، وأن يكون مقدار المطر كافيا ، غير ناقص ولا زائد عن الحد ، وهكذا حتى يحيى الأرض ويخرج النبات ، وذلك يدلّ على أن هناك هدفا وراء السحاب يجريه الله سبحانه بعلمه وقدرته.
وإذا تبصرنا قدرة الله في الطبيعة آمنا بأن هذه القدرة المطلقة الحكيمة هي التي تخرج الموتى للحساب ، فلا تبقى عقبة في طريق إيماننا بالبعث والنشور.
(كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى)
ولكن لا يمكننا أن نفهم حقائق الكون من دون تذكر وتبصر وربط للحقائق ببعضها.