وربما تكون هذه الآية توضيحا لبداية انطلاقة المجتمعات وشروطها الواقعية ، وهي ظروف قاسية يمر بها المجتمع فيتحداها بالضراعة ، وهي وعي الذات وما فيه من نواقص يجب تكميلها ، وامكانيات يجب تفجيرها.
[٩٥] وبعد الضراعة وتكميل النواقص بالتوكل على الله ، وبالاعتماد على قيمه السامية ، تأتي مرحلة الرفاه حيث تتبدل الصعوبات الى يسر وسلامة ، ومن بعدها تأتي مرحلة الرخاء حيث تفيض النعم عن الحاجة ، وهناك يفسد المجتمع بسبب الطغيان والترف والبطش فيصيبه الدمار ، بيد أن الدمار لا يصيب المجتمعات شيئا فشيئا بل يصيبهم فجأة ومن دون شعورهم به.
(ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا)
أي حتى كثرت النعم وأصبحت عفوا وزيادة تترك.
(وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)
لا حتميّات بل حقائق :
[٩٦] إن هذه المسيرة الدورية في المجتمعات ليست ضرورة حتمية ، أو سنة إلهية ، بل حقائق تاريخية باستطاعة البشر تغييرها عن طريق الايمان والتقوى ، فان الايمان ضمانة ايديولوجية وثقافية واجتماعية لبقاء عوامل الحضارة ، والتقوى ضمانة تشريعية سياسية واقتصادية وسلوكية لبقاء إطارات الحضارة.
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ)
ربما تكون البركات هي كلّ ما يكمل حياة البشر ويطورها للأفضل.